رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سطور

ماذا افعل فى هذه الدنيا ؟  من هم اصدقائى الذين يجب ان اؤيدهم؟  من هم خصومى الذين يجب ان اكافحهم؟.

تلك الاسئلة كان قد طرحها على نفسه  المثقف الموسوعى  «سلامه موسى»، الذى يعد رائدا من اهم رواد الفكر العلمى ، والذى لم يكن عالما متخصصا او اديبا متخصصا، لكنه استطاع ان يخدم العلم والادب  بل والثقافة بشكل عام ، بما لم يخدم به المتخصصون فى تلك المجالات، وذلك ربما لانه كان يمتلك ما هو اعلى منزلة من التخصص ، الا وهو القدرة على ادراك القيمة الاجتماعية  للاشياء وبخاصة لكل من العلم والادب ، كما امتلك ايضا ميزة  رائعة  وهى الوعى باحتياجات المجتمع الذى ينتمى له ، وكان من اكثر واعمق من وظف ثقافته فى تنمية الوعى المجتمعى ، لانه كان ايضا من اكثر المثقفين قربا والتصاقا بالناس فى المجتمع.

ولعله كان قد طرح على نفسه الاسئلة سالفة الذكر، والتى بدأت بها كلماتى اليوم اثناء اقامته فى اوروبا، ولم يكن يقصد بالصداقة او الخصومة الشكل الشخصى ، وانما كان يريد ان يحدد لنفسه مذهبا فكريا محددا بين المعارك السياسية والاجتماعية الدائرة آنذاك.

وبعد اجابته عن تلك الاسئلة ، تبين له بما لا يدعو للشك بان مكانه الحقيقى يجب ان يكون فى مصر، حيث مجتمعه الذى ينتمى له ، ووطنه الذى نشأ وارتبط بارضه.

و عاش «سلامه موسى»  يكافح فى الحياة ، مستخدما فى كفاحه  العامرهذا ما يسمى بـ «سلاح المعرفة» ، والذى  كان قد قرر اشهاره من اجل المساهمة فى  تطوير وتغيير مجتمعه على المستوى الاجتماعى والفكرى منتهجا الطريقة العلمية .

وقبل قدومه الى مصر وتحديدا فى عام 1909 كتب اول اعماله «مقدمة السوبرمان» والذى كان بمثابة اعلان للجميع عن اقتحاماته الفكرية القادمة، ثم توالت اعماله بعد ذلك وتنوعت ما بين اصدار الكتب والتى وصلت الى حوالى 40 كتابا ، وانشأ مجلة « المستقبل» ، وايضا اول حزب اشتراكى حينها فى عام 1920م ، وترجم كتابا هاما لـ «بلنت» وهو « التاريخ السرى لمصر» ، واخذ يكافح فى عدة اتجاهات : من اجل تحرير الوطن من الاستعمار ، ومن اجل تطوير المجتمع الزراعى وارساء قواعد التصنيع ، ومن اجل الحفاظ على اللغة العربية والبلاغة من خلال تجديدهما بما يتماشى مع الحياة العصرية ، وايضا كافح فى مجال الادب وكان من ضمن اشهر عبارته فى هذا الصدد عندما قال : « فالاديب فى عصرنا يخون عصره ان لم يكن سياسيا » حيث انه لم يكن مقتنعا بفكرة الفصل او الاستقلال المزعوم ما بين الادب والسياسة على حد قوله ،  وكافح كذلك سياسيا تارة فى صفوف الحزب الاشتراكى ، وتارة ثانية فى صفوف حزب الوفد ، وتارة ثالثة فى صفوف المجلس القومى للسلام.

كل ما سبق جزء من مشوار حياته الثرية ، التى حاول من خلالها بذر بذور الفكر العلمى فى المناحى الاجتماعي والثقافية ، والتحرر السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

ولعل ما دفعنى للكتابة عن الرائد الكبير « سلامة موسى» هو الحث على محاولة اعادة النظر فى تراثه والاستفادة منه بشكل ايجابى فى تجديد الخطاب الثقافى فى اللحظة الصعبة الراهنة.