رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

ضحك وسأل نفسه: هل أنت خائف؟، عشت طوال حياتك تنتظر الانتقال إلى الحياة الأخرى لكى تعرف ما الذى كانوا يفكرون فيه، ماذا جرى لك، هل خوفك من خطاياك أنساك حلمك بالمعرفة، هل مرضك واقتراب ساعة موتك وانتقالك إلى الملكوت أرعبك؟.

ذاكرته تجتر تاريخه، مثل ماكينة فقدوا السيطرة عليها، ما اقترفه من خطايا كثيرة وثقيلة ومخزية، لام نفسه كثيرًا، كيف سأفسرها، ما الذى أقوله عنها، قيل له إن الطيبات تمحو السيئات، وإنه سبحانه اسمه الرحمن الرحيم، سيغفر جميع الذنوب، من أسمائه: الغفور.

عاد بذاكرته لسنوات طويلة، كان صبيًا صغيرًا، انشغل بالمعرفة، تمنى أن يعرف ما يفكر فيه المارة فى الشوارع، والجالسين فى المقاهي، البيوت، والمصانع، والمحلات، والحقول، والمواصلات، والمستشفيات، كان يقف فوق المبانى المرتفعة ويطل على المشهد ويسأل نفسه: هل سأعرف ما يفكر فيه هؤلاء الآن جميعًا؟، هل الله سينعم علىّ بهذه المعرفة؟.

أصحابه سخروا من حلمه:

ــ ما الذى ستستفيده من معرفتها؟.. هل تريد أن تكون إلهًا؟، هذه القدرة لا يمتلكها سوى الخالق الذى يرى ولا يرى.

خطيبته اضطربت وتأسفت على حظها السيئ: هو أنا جاية أكلمك عن المستقبل والحب وأنت عايش فى الموت وما بعده.

كان يقف عند الآيات التى تحيله إلى إمكانية المعرفة، التى تؤكد امتلاك حواس غير حواسنا الأرضية:« فبصرك اليوم حديد 22 ق»، فكر فى كيفية وصوله لهذه المعرفة وتوقيتها: خلال العرض عليه، بعد دخوله النار أو الجنة، أثناء فترة الموت؟، ما هى آلية كشفها وتوصيلها؟.

هداه تفكيره إلى العرض داخل الذاكرة، قد يسمح له سبحانه بأن يراها، ويسمعها، ويلمسها، ويشمها فى ذاكرته كأنها اليوم، مثل أفعاله الطيبة والسيئة، سنجترها يوم العرض كشريط سينما، سيظهر المشهد بجميع تفاصيله الحياتية والمكانية والمناخية والزمنية كأنك داخل اللحظة.

سقراط واجه الموت بشجاعة، كان متيقنا أن النفس خالدة، وأن المعرفة الأرضية مشوشة وناقصة، وأن المعرفة فى عالم المثل، فى ملكوت الصانع المبدع، أقوى وأشمل، أقرب للمعرفة الإلهية، سقراط كان يعلم لحظة موته، حكموا عليه بالإعدام، رفض نصيحة تلاميذه بالهروب من السجن، وأمسك زجاجة السم وتجرعه، لينفذ حكم القضاء، وليؤكد لتلاميذه، أن الجسد يموت يتحلل أما النفس فخالدة، وحياتها فى ملكوت الصانع أفضل.

فرد جسده فى الفراش، وبحلق فى سقف الغرفة، وتمتم: العقوبة فى فكر سقراط كانت فى انزال نفس المحمل بالذنوب إلى الحياة مرة أخرى فى جسد حيوان، والعقوبة فى عقيدتنا نحن النار، والحياة الأبدية فى عالم المثل كانت فى فكر سقراط للحكماء والفلاسفة، وفى عقيدتنا للذى لم يسرف على نفسه، وقد أسرفت.

[email protected]