رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

بفارق أربعة أصوات عن منافسه من التيار الديمقراطى، وبدعم من 38صوتا  لنواب حزب «قلب تونس»  فاز رئيس حركة النهضة «راشد الغنوشى» برئاسة البرلمان التونسى، بعد أن كان قد أعلن عقب فوزه فى الانتخابات البرلمانية، انه قادم إما لرئاسة الحكومة، او لرئاسة البرلمان!

وأمس الجمعة، انتهت المهلة الدستورية لكى تعلن حركة النهضة - الفرع التونسى لجماعة الإخوان المسلمين - بصفتها الحزب الحائز على أعلى الصوات فى البرلمان، مرشحها لرئاسة الحكومة، لتقع تونس بعد ثمانى سنوات من ثورتها الداعية للعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة التى تضمنها حقوق المواطنة، وتعميق المكاسب الحداثية التى أقرها منذ الاستقلال نظام بورقيبة، فى قبضة حكم جماعة الإخوان ومشروعها العقائدى، الذى يعتبر الأوطان إمارات فى سياق أوهام جماعة الإخوان عن الأممية الإسلامية، التى لا تتحقق إلا  بدولة الخلافة!

والجدير بالملاحظة أن حزب «قلب تونس» الذى منح أصوات كتلته البرلمانية للغنوشى، كان رئيسه نبيل القروى مرشحا فى الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها مؤخرا «قيس سعيد»، بعد أن أفرج القضاء عنه لخوض تلك الانتخابات استنادا إلى عدم صدور حكم بإدانته، بالتهم الموجهة إليه بغسيل الأموال والتهرب الضريبى. والمفارقة فى ذلك التصويت المشار إليه، أن الحزب  الذى يشكل فى البرلمان التونسى الكتلة الثانية بعد كتلة الغنوشى، سبق ان  حمل  حركة النهضة، وما سماه بالممارسات الفاشية، المسئولية عن اتهامه وحبسه!

وأيا كان المرشح الذى ستختاره حركة النهضة لرئاسة الحكومة، فالمؤكد أنها لن تقبل بأى شخص غير قريب منها، ومن منهجها المحافظ، بالإضافة لما سبق فإن القضاء التونسى  يحقق فى الملفات والوثائق التى تثبت امتلاك النهضة لجهاز سرى مسلح وعلاقات وثيقة بتنظيمات الإرهاب الجهادى داخل تونس وخارجها، ومسئولية ذلك الجهاز عن اغتيال المعارضين اليساريين شكرى بالعيد ومحمد البراهمى. وكانت هيئة الدفاع عنهما هى من تقدمت بتلك الوثائق للنيابة العامة. وتفضح تلك الأدلة استغلال نفوذها فى فترة حكم الترويكا بقيادتها، فيما بين عامى 2012 و2013، لدعم الجهاز السرى ومحو الأدلة والتستر على المعلومات التى تثبت مسئوليتها عن الاغتيال، ومنع التحرك البرلمانى، والضغط على سلطات التحقيق وحتى تهديد رئيس الجمهورية قايد السبسى لعرقلة كل شكل  من المحاسبة القانونية على تلك الجرائم، وهو تهديد سخر منه السبسى ببيت شعر عربى قديم موجها حديثه لحركة النهضة: إذا خلا لك الجو، فبيضى واصفرى!

ها هو الجو يخلو لحركة النهضة بتولى راشد الغنوشى رئاسة البرلمان، واختيار حركته لرئيس الحكومة، وقبل ذلك فوز الأكاديمى المحافظ قيس سُعّيد بمنصب رئيس الجمهورية، وهو خطيب مفوه ذرب اللسان، لا يخلو حديثه من شعبوية وحسن امتلاك لقواعد اللغة العربية، يفخر بأنه مستقل فى دولة برلمانية يقوم نظامها على التعدد الحزبى. لكن استقلاله لم يمنعه من استخدام خطاب جماعة الإخوان. فلوح بتعديل الدستور وعارض المساواة المشروطة فى الميراث، ونفى أن تكون هناك مفاهيم عن الدولة الدينية والدولة المدنية. ولا يعكس ذلك سوى نقص فى الخبرات السياسية، ومعابثة  للتيار الدينى المحافظ الذى غزا الساحة التونسية مع سقوط نظام بن على، ومنذئذ لم تحظ تونس بأى شكل من الاستقرار.

ولم يكن خاليا من المعنى أن يصف قيس سعيد النظام المصرى بأنه نظام انقلابى، إذ بات من المعروف أن جماعة الإخوان هى التى تنفرد الآن بوصف ثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو والثالث  من يوليو  2013 على  حكمها بالانقلاب.

هل من المتوقع أن تلقى تونس مصيرا أفضل من  ذلك الذى جرى فى مصر أثناء حكم الجماعة؟ نتمنى ذلك بقوة، لكن الوقائع على الأرض تخالف ذلك التمنى. فقد فشلت جماعة الإخوان فى إقامة حكم رشيد يقوم على الدستور والقانون ورضا  الناس، وليس على القتل والإرهاب، فى مصر والسودان وسوريا وليبيا والجزائر!

لكن الشعب التونسى قادر على أن يصنع مصيرا مغايرا إذا ما أراد ذلك.