رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

لماذا تسقط منا أهم سنوات العمر بعد الزواج، نتزوج ونحن شباب، نكرس كل سنوات ما بعد الزواج للأولاد ومطالبهم فى الحياة، ونظل ندور.. وندور وكأننا معلقون بساقية «مع احترامى للجميع لهذا التشبيه» لنروى الأولاد بكل ما يحتاجونه، وفجأة نفيق ونحن ما بعد الخمسين من العمر، لنكتشف أننا لم نعش لأنفسنا، لم يحقق معظمنا أحلامه الشخصية، فنبدأ فى البحث عن الحياة الحقيقية والسعادة فى هذا العمر المتأخر، ونعتقد ان سبب تعاستنا هو الطرف الآخر، فنصب جام غضبنا وتعاسة السنين على هذا الطرف، ونحمله خطايا وأخطاء قد يكون بعضها حقيقيا، ومعظمها من تراكمات أعباء الحياة والأولاد.

لكن هل فكر كل طرف أن الطرف الآخر عاش هو أيضا تعاساته، عاش نفس المتاعب أو أكثر تلك التى عشناها من أجل الأولاد حتى وقفوا على «رجليهم» وكبروا واستقلوا وشقوا طريقهم للمستقبل، هل يفكر الزوج مثلا وهو يسعى للطلاق، أو الزوجة وهى تطلب الخلع فى سن ما بعد الخمسين، أن الطرف الآخر يحتاج فى هذه السن الى تجديد الحياة، الى انعاش القلب، الى استدعاء الحب القديم الذى كان بينهما، فلماذا يكون بحث طرف عن الحياة والسعادة ما بعد الخمسين على حساب الطرف الآخر، وأن يكون الطلاق والبحث عن شريك آخر للحياة هو الحل.

فى تصورى وهذا رأى كثيرون بمن فيهم علماء للنفس والاجتماع تحدثت مع بعضهم، ان زواج اى طرف وهو يقترب من سن الستين بشخص جديد، هو هتك للستر، وعذاب جديد فى أرذل العمر، فهل يعقل ان تبدأ - تبدئي - وانت فى هذا العمر فى التطبع بطباع شخص جديد عليك، وان تبدأ فى الاعتياد عليه وعلى طباعه، وأن تحب ما يحب وتكره ما يكره، هل يعقل أن تبدأ فى الدوران فى فلك شخص جديد، وتقضى ما تبقى من سنوات عمرك فى ارضائه فقط ليرضى عنك، وتبذل فوق جهدك لتسعده طلبا للسعادة.

نصفك الآخر قضى معك اهم سنوات عمرك، عاش معك الحلو والمر، عاش معك كل الذكريات ومؤكد ان بها ذكريات جميلة، ولم يكن كلها تعسا، حتى دورانكما فى فلك الأولاد ورؤية الأولاد وهم يزهرون ويكبرون ويصبحون أفرعا قوية لشجرتكما معا، هى أيضا سعادة، مؤكد سعادة أن نرى الأبناء فى مراكز أو جامعات جيدة، وحالهم أفضل مما كنا عليه فى شبابنا، حتى لو لم نحصد من الأبناء البر والعطاء ورد الجميل، فيكفى أن ثمارنا التى سقيناها بشبابنا أينعت ونجحت، وعلينا ان نلتفت لأنفسنا والى نصفنا الآخر، أن نحاول علاج الجمود والملل الذى اعترى حياتنا بانشغالنا مع الأولاد، أن ينظر كل طرف للآخر وكأنه حبيب جديد، وشخص جديد، ويسعى لإسعاده وإسعاد نفسه.

يقول لى هشام مصطفى وهو عشرة عمر بالجريدة وعندما نراه مبتسما نعرف ان الخير قادم، فهو يسلمنا رواتبنا، يقول لى بصراحة يا أستاذة التليفونات الذكية والإنترنت سبب فى خراب كثير من البيوت، وفى رغبة حتى من اقتربوا من سن المعاش فى الطلاق، فالرجل يتعرف على سيدة أصغر أو فتاة شابة عبر مواقع التواصل، وتجعله يعيش قصة حب وهمية، يكره معها زوجته، فيفكر فى القفز من قارب حياته الهادئ المستقر الى المجهول.. الى الظلام ليندم بعدها بعد أن يخسر شريكة عمره التى قاسمته كل لحظات حياته الحلوة والصعبة.

وهو ما يمكن أن تتعرض له المرأة ايضا فى هذه السن الكبيرة، إذ تقع فريسة رجل يبحث عن صيد ثمين، ويرى فى هذه السيدة ضالته، فيوقع بها ويخرب بيتها، لتندم بعد أن تكتشف انه ليس سوى صائد للفرائس والأرامل والمطلقات، و«خراب» للبيوت العامرة المستقرة، ما يحدث من حالات طلاق متزايدة فى سن ما بعد الخمسين يتطلب منا جميعا وقفة جادة مع النفس.

 

وللحديث بقية...

[email protected]