عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أن تأتى متأخرًا خير من أن لا تأتى أبدًا، صدم «جاك دورسي»، المدير التنفيذى لموقع «تويتر» رواد الموقع العالمي، وقرر وقف جميع « الإعلانات السياسية « على منصاته، مشددًا على أن الأمر «لا علاقة له بحرية التعبير.. الرسائل السياسية ينبغى ألا يتم شراؤها».

حسنًا فعل، والقرار سيتم تطبيقه ابتداء من 22 نوفمبر الجارى، وهناك دعوات جادة أن يتبع موقع «فيسبوك» الخطى، ولكن التبرير الذى مرره « جاك دورسى «  إلى وسائل الإعلام بأن الرسائل السياسية الموجهة والمرسلة تويتريًا تفرض رسائل « محسنة للغاية»  ليس كافيًا ولا دالاً، الأخطر أنها تفرض رسائل « قبيحة للغاية « ، للأسف  قوة ونفاذية الرسائل الإلكترونية تجلب مخاطر محققة سياسيًا للتأثير السالب على حياة الملايين.

رسالة «جاك دورسي»  تفضح المسكوت عنه، هناك استحلال سياسى ممنهج لوسائل التواصل الاجتماعى سياسيًا، وإذا كان « مستر جاك « معنيًا بخطر الدعاية السياسية على الأراضى الأمريكية توقياً للدعاية السياسية فى الانتخابات الامريكية المقبلة ، لو رفع « جاك « رأسه عن حاسوبه الإلكترونى لشاهد عجبًا على الحسابات المصرية التويترية .

النموذج المصرى مجسدًا على تويتر مثال فاضح على الاستخدام السياسى للمنصات الإلكترونية الدولية الذائعة، ما ينشر على هذه الحسابات من دعاية سياسية قبيحة ، جد صادم ، خزى وعار وكذب بواح مخيف، كلاب مسعورة تمتلك حسابات عقورة  تنهش لحم الوطن بضراوة، وتستبيح الحرمات، وتلغ فى السمعة، وتهين القامات، وتحض على ما تأنفه الأنوف بلغة سوقية منحطة، وهى فى الدغل التويترى مخفية فى مأمن من الحساب.

فى الحالة المصرية تقفى أثر هذه الحسابات ينتهى بك دومًا إلى فلول الجماعة الإرهابية ومنتسبيها وتابعيها وتبع التابعين، وهؤلاء يعقدون محاكمات هزلية لوطنيين ربما لا يدرون أنهم يحاكمون وتستبيح أعراضهم، وتمتهن كرامتهم فقط لأنهم قالوا بحق ما يعتقدون، فيعلقون من رقابهم فى أشجار تويتر التى يؤمها البوم، وهات يا نعيق، لا يردعهم رادع إلكترونى، ولا يقف فى وجوههم أحد إلا واغتالوه بدم بارد .

 لا يخمدون أبدًا، انكشارية الحسابات التويترية مكلفون بواجب يومى وعلى مدار الساعة، الكتائب الإلكترونية تخوض حروبًا بالوكالة، حروبًا نفسية أسهبت فى شرحها المراجع العلمية.. حرب ضروس لا ترعوى لقانون سوى قانون الغاب الذى يبيح هتك الأعراض على النواصى الإلكترونية .

العقورون مكلفون بشخصيات ورمزيات بعينها لا تغرد ولا تتوت ولا تفسفس، ولكنها تصدح برأى تعتقده فى المجال العام، وتقف فى ظهر الوطن، ولا ترهن صوتها لحسابات إلكترونية، ولا تبغى سوى وجه الله من بعد الوطن، تقول قولًا صريحًا، ولا تأبه بالتتويت القبيح ولا بإعادة التتويت، ولا تحشى فى حق الوطن لومة لائم .

وعلى طريقة لا يفل الحديد إلا الحديد، باتت حرب الكتائب الإلكترونية فى مصرنا الأبية مدعاة للفرجة العالمية، المراقب يذهل من حجم الإفك والبهتان، وكم المعلومات المزورة، والأرقام المخاتلة، والتحليلات التى تشبه تحليلات الغائط فى المعامل، رائحتها مقرفة ونتائجها مخيفة تؤشر على أمراض متوطنة سكنت تويتر حتى أصابته بسرطان لا شفاء منه.

الخلايا السرطانية التويترية توحشت، الوحش الإلكترونى يكاد يفترس مصر العظيمة، وحش ظل رابضًا فى الدغل الإلكترونى حتى واتته الفرصة فبرز مخيفًا شريرًا نهمًا جائعًا يتضور لدماء الضحايا .

قد يبدو هذا الحديث متجاوزًا حكى « المستر جاك « مبالغًا .. ولكنه واقعي، الانحطاط الإلكترونى، الذى نعيشه ونكابده، على الأقل كما أراه، لعلنا نتفكر فيما أصابنا.. محبط تمامًا مما آلت إليه الحالة الحوارية المصرية التى باتت وأصبحت مشتمة لا تستثنى أحدًا إلا من رحم ربى .

« المستر جاك « ينطبق عليه وصف، برز الثعلبُ يومًا .. فى شعار الواعِظينا.. إلخ، لا أصدقه بتاتا  فيما قرره بحظر الدعاية السياسية على حسابات تويتر، هناك ما هو خاف وراء القرار، وراء الأكمة ما وراءها، تويتر وأخواته، خلق عالمًا وهميًا موهومًا متوهمًا، نسجته قوى غيبية من نسيج الخرافة والجهل والتجهيل والتسطيح، صرنا نتبضع الوهم، واهمين متوهمين أننا على حق وغيرنا على باطل.

ما جناه تويتر علينا جد خطير، صرنا نتمرغ فى تراب تربة خصبة للشائعات والتشهير،  واغتيال الرموز ، بات الناس لا يسألون سندًا أو مرجعيةً لأى شيءٍ يكتب ولا يحتاج المرء علمًا أو مصداقيةً كى يتناول شتى الأمور، ولهذا كله نجده يسيرًا جدًا أن تنتشر الشائعات والأكاذيب والتحريف والتزييف .

أكتب هذا وأنا أقرأ فى حسابات تويتر ما يدمى القلب، الثعالب العقورة كامنة فى الدغل الفيسبوكى، وما أن تظفر بلحم طرى حتى تنهشه نهشًا وتمزقه إربًا، وكم من ضحايا قضوا صرعى هذه الماكينة الشريرة النهمة، التى لا تشبع أبدًا، وتروم المزيد، هل من مزيد؟