عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تقام هذه الأيام انتخابات الاتحادات الطلابية فى الجامعات المصرية فى هدوء تام ودون أن يشعر بها أحد حتى الطلاب أنفسهم، اللهم إلا تلك الفئة من أصحاب الحظوة والمصلحة التى يعنيها التواجد فى هذه الواجهة الطلابية بدون بذل أى مجهود!! وهذا شىء يدعو للتأمل والأسف بحق!!

ورحم الله أياما كانت هذه الانتخابات تشعل المنافسة بين مختلف الكتل والقوائم الطلابية من الاتجاهات الفكرية المختلفة، وكانت اللافتات الدعائية لهذه القوائم والكتل تملأ الساحات وتزين جدران الكليات فى كل الجامعات، وتتابعها الصحف والمجلات وأجهزة الاعلام المختلفة بل وتتدخل فيها الأحزاب والتيارات السياسية وتحلل نتائجها وتجتذب من خلالها القيادات الطلابية الواعية والقادرة على تحريك المياه الراكدة فى أروقتها والباعثة على تجديد الدماء فيها قيادة وتخطيطا وممارسة.

 لقد كانت هذه الانتخابات باختصار مناسبة للمنافسة السياسية الشرسة بين هذه التيارات السياسية لضخ الحياة فى شرايينها ومن ثم فى شريان الحياة السياسية فى طول البلاد وعرضها!

وفى هذه المناسبة كم تتداعى الذكريات حول هذه الممارسة السياسية الجميلة وقت أن دخلت الجامعة فى مطلع السبعينيات من القرن الماضى، وأذكر أننى دخلت الجامعة ومعى حلم هذه المشاركة التى تدربنا عليها فى المدارس وكم كنت سعيدا حينما سجلت اسمى كأول قائمة المرشحين لعضوية لجنة النشاط السياسى والثقافى عن الفرقة الأولى ولتلاحظوا اسمها إنها معنية بالنشاط السياسى وليس بالثقافى وحده كما أصبحت الآن.

وكم كان غريبا أن أترشح فى ذلك الوقت بدون أن أنضم إلى إحدي القوائم التى عرضت على ورفضتها لأنى كنت واثقا من أننى سأكتسب ثقة زملائى مستقلا من كم الدعاية التى قمت وقام بها أصدقائى لمساندتى! وكم كانت المفاجأة صادمة حينما دخلت لأدلى بصوتى فى هذه الانتخابات فقال لى رئيس اللجنة بعد أن كشف عن اسمى فى قوائم الناخبين: إنه لا صوت لك لأنك حولت إلى كلية التجارة!! ولم تُجدِ كل محاولاتى وصيحاتى أننى لم أحول ولم أطلب التحويل وأن اسمى موجود خلفك على رأس قائمة المرشحين!! لقد قضى الأمر ونجحت خطة أصحاب إحدي هذه القوائم فى استبعادى من كشوف المرشحين والناخبين من هذه الانتخابات بكتابة طلب تحويل باسمى قبل بدء الانتخابات بعدة أيام!!

وكم كانت المفاجأة الصاعقة لهم حينما جاءت لحظة فرز الأصوات ووجدونى رغم استبعادى منذ منتصف النهار من الكشوف أحصل على أعلى نسبة من الأصوات! وكم كان جميلا منهم رغم قبح الغدر الذى فعلوه معى أن يأتوا إلى فى المدينة الجامعية ويخبرونى بذلك ويطلبوا منى الانضمام كعضو شرف فى اللجنة وفى مجلس الاتحاد وأنهم على استعداد لتلبية كل طلباتى لأمارس كل ما كنت أطمح إلى ممارسته من أنشطة، ولم يكن لى مطالب آنذاك إلا أن أصدر أسبوعيا مجلة حائط بعنوان «منوعات أدبية» والتفكير فى اصدار جريدة مطبوعة باسم اتحاد طلاب كلية الآداب! وقد كان لى ما أردت حتى تخرجت فى الكلية وأصبحت عضوا باتحاد الطلاب رسميا وأمينا للجنة الثقافية حتى الفرقة الرابعة.

وكل ذلك لم يعوقنى عن التفوق الدراسى والتعيين معيدا فى الكلية ذاتها لأتحول بعد ذلك من عضو فى الاتحاد إلى رائد لنفس اللجنة ومشرف على نشاطها بعد حصولى على الدكتوراه ثم رائد لاتحاد الطلاب نفسه لسنوات عديدة قبل أن أتقلد منصب العميد لعدة كليات فى جامعة القاهرة وخارجها! إننى أروى جانبا من هذه الذكريات لأرد على من يعيبون على الشباب اليوم السلبية وعدم المشاركة وأرد على من يتصورون من الشباب أن ممارسة الأنشطة الطلابية تؤثر على تفوقهم الدراسى. إن شباب اليوم هم قادة الغد وإذا لم يتدربوا على القيادة والمشاركة السياسية فى المدارس والجامعات فأين يتدربون وأحزابنا خاملة وحياتنا السياسية أشبه بصحراء قاحلة!

ولعل أحدهم يقول ردا على ذلك إن الانتخابات مازالت تحدث والمشاركة متاحة! ولهذا القائل أقول: إن هذه الانتخابات التى تجرى اليوم تحدث فى ظل لائحة طلابية عرجاء لا تعطى للطلاب الحق فى ممارسة الأنشطة إلا تحت الاشراف الكامل لموظفى ادارة رعاية الشباب والأساتذة والموافقة من وكيل الكلية وعميدها.

وبالطبع، فإن فى ذلك ما فيه من عوائق وبيروقراطية! وحل هذه المشكلة فى رأيى ببساطة ليس فى عمل لائحة طلابية جديدة بل فى العودة إلى اللائحة الطلابية التى كان معمولا بها قبل عام 1979م؛ فقد كانت لائحة تسمح لنا بممارسة الأنشطة المختلفة باستقلال عن ادارة الكلية والجامعة وفى ذات الوقت تحت اشرافهم ورعايتهم فكانت لائحة متوازنة تتيح للطلاب حرية الحركة فى التصرف فى ميزانيتهم والتخطيط المستقل لأنشطتهم وتنفيذها بتشجيع ومساندة رواد اللجان ورائد الاتحاد وعميد الكلية. لقد كانت لائحة تتيح للطلاب انتخاب اتحادهم الطلابى بحرية تامة من القاعدة وحتى انتخاب الأمين العام لاتحاد طلاب الجمهورية.

وكم أفرزت هذه اللائحة قيادات مارست دورا نشطا بدءا من قيادة العمل السياسيى فى الأحزاب حتى الترشح لتولى أعلى المناصب فى الدولة. فهل يستجيب من بيدهم القرار للعودة إلى هذه اللائحة؟! وهل يمكن أن نرى فى المستقبل القريب حركة طلابية نشطة داخل المدارس والجامعات؟! أتمنى ذلك؛ لأن هذا هو الطريق الحقيقى إلى بعث الحياة فى حياتنا الحزبية والسياسية الراكدة من جديد.

[email protected]