رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الذعر والرفض والانكار.. الذي أصاب سادة وتجار قريش الأغنياء من دعوة رجل فقير الى دين جديد.. ليس بسبب إيمانهم بآلهتهم، ولا بسبب رسوخ عقيدتهم، أو دفاعا عن دين آبائهم وأجدادهم.. ولكن خوفا على السيادة والسلطة والثروة!

استشعروا، ان هذا الدين سيجعل من رجل من بنى هاشم، حاكما على سادة بنى امية، وسيدا على الناس من دونهم.. بأمر من إله واحد.. يُوحى إليه بمفرده، وهم لا يرونه، وغير مجسد مثل آلهتهم.. وهذا الرجل رغم حسبه ونسبه، ومن أبناء عمومتهم، يدعو إلى العدل بين الناس والمساواة بينهم.. وذلك يفقدهم الاستحواذ على الثروة والتجارة، ويسلب منهم السلطة على الناس والسيطرة على العرض والأرض، وهم سادة قريش الآن.. بينما الدين الجديد سيجعلهم بلا قيمة حتى ولو كانوا أغنى الأغنياء، وسيجعل عبيدهم سادة عليهم بالإيمان وليس بالأموال.

حال سادة قريش وعلى رأسهم بنو أمية الحيلولة دون وصول دعوة نبي الله إلي الناس بالسخرية والاضطهاد والإيذاء.. ولكن دون جدوى فالناس يقبلون على الدين، والإيمان بالدعوة يزداد، واتباع محمد الأمين من بنى هاشم.. يتكاثرون. فتساءلوا لمَ لا نجعله بمفرده سيداً وملكاً وحاكماً وغنياً.. بدلاً من أن يجعل كل الناس سادة وملوكاً وحكاماً وأغنياء!

ذكر ابن هشام في سيرته عن جابر بن عبد الله قال: ( أرسَلَتْ قريشٌ عُتْبَةَ بنَ ربيعةَ - وهو رجلٌ رَزِينٌ هادئ - فذهب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمتَ من المكان في النسب، وقد أَتَيْتَ قومَك بأمرٍ عظيمٍ فَرَّقْتَ به جماعتهم، فاسمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عليك أمورا لعلك تقبل بعضها، إن كنتَ إنما تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنتَ تريدُ شَرَفا سَوَّدْناكَ علينا، فلا نقطع أمراً دونك، وإن كنتَ تريدُ مُلْكًا مَلَّكْناكَ علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئْيًا (مس من الجن) تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك، طلبنا لك الطِّبَّ، وبَذلنا فيه أموالَنا حتى تبْرَأَ).

وكان جواب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رواية لابن هشام وابن كثير على عُتبة: (ما جِئتُ بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل عليَّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به، فهو حظكم في الدنيا وفي الآخرة، وإن تردوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم).

وعن عبد الله بن عباس قال: (إن قريشاً وعدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطئوا عقبه (أي: يسوده) فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد! وكف عن شتم آلهتنا، فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة، فهي لك ولنا فيها صلاح، قال: وما هي؟، قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة! فقال -صلى الله عليه وسلم -: حتى أنظر ما يأتي من عند ربي، فجاء الوحي: { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (الكافرون: 1: 6) رواه الطبراني.

وتناول الرواة الصراع التاريخي بين بني أمية وبني هاشم، ويعتبر كتاب «النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم» لمؤلفه أحمد بن علي المقريزي المتوفى في عام 845 هـ الكتاب الوحيد الذي تناول هذا النزاع. ومن الروايات التي يسردها المقريزي وتؤكد هذا الصراع بين بني أمية وبني هاشم «يُقال إن هاشما وعبدشمس كانت جباههما ملتصقة يوم ولدا في بطن واحد ففرق بين جباههما بالسيف فقال بعض العرب: لا يزال السيف بينهم وفي أولادهم إلى الأبد، وقيل إن هاشما وعبدشمس ولدا توأمين فخرج عبدشمس في الولادة قبل هاشم وقد لصقت إصبع أحدهما بجبهة الآخر فلما نُزعت دُمي المكان فقيل سيكون بينهما دم أو بين ولديهما فكان كذلك».

ولكن بعض الرواة والمؤرخين يشككون في كتاب المقريزي، وفى نسبه الى هذا المؤرخ الكبير، الا ان هذا النزاع ورد في مواضع متفرقة في المصادر الكبرى لرواة الحديث والمؤرخين. وقال عنه عالم ومؤرخ مثل ابن خلدون: «كان لبني عبد مناف في قريش جمل من العدة والشرف لا يناهضهم فيها أحد من سائر بطون قريش: وكان فخذاهم بنو أمية وبنو هاشم هما جميعًا ينتمون لعبد مناف، وينتسبون إليه، وقريش تعرف ذلك وتسأل لهم الرياسة عليهم، إلا أن بني أمية كانوا أكثر عدداً من بني هاشم وأوفر رجالاً، والعزة إنما هي بالكثرة».. ورغم ذلك فإن الكثير من العلماء المحدثين، وخصوصاً من أهل السنة ينسبون مثل هذه الروايات إلى علماء الشيعة، ويؤكدون أنه لم تكن هناك منافسة بصورة أساسية بين هاتين الأسرتين، لا في زمان الجاهلية، ولا في عهد الرسالة، ولا في زمان الخلافة الرشيدة بطولة.

 

 

[email protected]