رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

عندما كتب «فتحى غانم» روايته «زينب والعرش» والتى تحولت إلى مسلسل تليفزيونى عام 1980 من إخراج «يحيى العلمي» كان يكتب عن علاقة السلطة والصحافة بالمجتمع فى طرح غير مباشر من خلال قصة فتاة جميلة تنتمى إلى عائلة الأب تركى والأم فلاحة مصرية، وهنا نجد أن تلك الفتاة زينب الأورفلى تعبر عن مصر الوطن الذى تمتزج فيه الأصول بسلاسة ويسر وتتكون فيه الثقافات مع كل الجمال والأصالة، إلا أنه كما زينب مجتمع جاهل لم يكمل تعليمه ومازال يعيش أوهام الماضى الزاهر والأصول الراقية، وفى هذا العمل الفنى الأدبى يطرح الكاتب قضية الإعلام، خاصة الدور الأساسى والرئيسى الذى كانت تلعبه الصحافة قبيل ثورة يوليو 1952 وفترة الثورة وهيمنة السلطة والرقابة على الفكر وعلى الإعلام وعلى الصحافة من جانب وعلى الجانب الآخر كيف كانت علاقة زينب أو مصر أو المجتمع المصرى آنذاك بالصحافة وعرشها بداية من رئيس التحرير الذى يريد استغلالها أو ذلك الصحفى الذى يعمل مع كل سلطة ويبيع قلمه وفكره من أجل البقاء والاستمرار والترقى وأخيرًا الصحفى المثالى «يوسف» الذى يملك طهارة وبراءة ونقاء ويحاول أن يأخذ بيد تلك الفتاة أو هذا المجتمع لأنه يؤمن بالحب والمثالية والثورة وإن خذلته.

تلك هى علاقة الإعلام بالمجتمع قديمًا وحديثًا فنحن اليوم نعيش تجربة مشابهة لما حدث فى ثورة 1952، لإن الإعلام المرئى الآن هو المسيطر وهو الذى يعانى من ذات الفكر والصراع وعن علاقته بالسلطة والرقابة وأيضًا دوره فى المجتمع وعلاقته بالمؤسسات المتواجدة فى الدولة.. الإعلام يحاول اليوم أن يعرض الرأى الآخر أو أن يستضيف مثقفى مصر ورموز الفكر الذين لديهم أفكار ورؤى معارضة للسلطة التنفيذية أو لرئيس الدولة، وهذا توجه قد يبدو فى ظاهره مرحلة من مراحل حرية التعبير والرأى، إلا أنه يحمل فى طياته رسالة هدم وتحطيم لكل من يفكر أن يعبر تعبيرًا مخالفًا أو مغايرًا دون عنف أو إرهاب أو تنظيم أو توجه عقائدى دينى أو سياسى متطرف، وفى هذا نوع من الإخلال بمفهوم ومعنى حيادية أو حرية التعبير التى ينشدها الإعلام وأيضًا تشويه للمثل والقدوة التى علينا أن نبحث عنها فى نماذج ناجحة ومشرفة فى مجالها العلمى والفكرى لها تلاميذ ومريدون بدلًا من أن نعظم من نماذج مشوهة تدمر السلوك الوجدانى وتداعب الغرائز الحيوانية داخل نسيج أفراد المجتمع المصرى كما حدث مع «حمو بيكا» الذى استضافة الإعلامى «أحمد موسي» فقط ليقدم اعتذارًا لـ«هانى شاكر» نقيب الموسيقيين ويطلب أن يستمر فيما يسميه غناء ليأكل عيش هو وفرقته وفريقه الإعلامى؟! هل هذا هو الإعلام الذى يحارب ويضرب الرموز الفكرية، وفى ذات الوقت يفسح المجال لهذا التدنى والسقوط الفنى والأخلاقى؟ وعلى ذات المنوال نجد أن من يتولى مهمة المتحدث الرسمى فى الوزارات المختلفة لم يدرس أصول الإعلام وفن مخاطبة الجماهير وكيفية احتواء الموقف والتعامل الحرفى مع الأزمات وتوقيت التواجد والتصريح والقاموس اللغوى المنضبط الذى يخرج به أى تصريح أو حديث يعبر عن سياسة دولة وحكومة وجماهير تعانى من أزمة أو حدث أو قضية.

فهل يعقل أن يكون تصريح المتحدث الرسمى لرئيس الوزراء بعد أزمة المرور والأمطار وكارثة الثلاثاء الماضى التى أصابت منطقة حيوية ورئيسية بالشلل وروعت الأطفال والكبار أن يصرح سيادة المستشار الإعلامى بأن مصر لم ولن يكون لديها شبكة صرف الأمطار لأنها مكلفة ولأن مصر لا تسقط بها أمطار بشكل يستدعى بناء تلك الشبكة؟

لا سياسة ولا إعلام ولا حس وطنى ولا اجتماعى.. أن علاقة الإعلام بالمجتمع هى علاقة تبادلية تفاعلية وليس المجتمع جمهور فقط وإنما أيضًا مؤسسات الدولة، ولهذا فإن دور الإعلام يحتاج إلى رؤية علمية اجتماعية وأيضًا سياسية من خبراء ومتخصصين حتى لا تضيع «زينب» أو ينهار العرش.