رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

لم يكن يُتوقع أن تُصبح الضريبة التى «اخترعتها» السلطات اللبنانية، على مستخدمى تطبيق التواصل الاجتماعى الشهير «واتساب»، بداية اندلاع شرارة الحراك الشعبى فى الشارع اللبنانى بجميع طوائفه.

على مدى أسبوعين، تطورت التظاهرات بشكل لافت، فى جميع المناطق، رغم الصور والمشاهد «المثيرة للاهتمام» التى وثقتها احتجاجات لبنان، وانتشرت على نطاق واسع عبر الفضائيات و«السوشيال ميديا».

كثيرون اعتبروا الاحتجاجات معبِّرة عن ثقافة التظاهر، بأساليب غير مألوفة، ورفضًا شعبيًا للنظام الطائفى القائم منذ أربعة عقود.. فى مشهد يكشف ثقافة المجتمع وطريقة تفكيره.

«تغيير النظام ليس فى الساحات أو عبر الشارع أو بقطع الطرقات».. جملة كررها الساسة جميعهم للتنصل من المسئولية، والهروب إلى الأمام، عبر رسائل «عاطفية»، لم تقدم تنازلات «حقيقية»،  أو وعودًا إصلاحية لعبور الأزمة.

ورغم تلك المهدئات، استمر تدفق الآلاف من جميع الطوائف ومختلف المناطق، بتصميم أكيد، على ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية لمكافحة الفساد، المتغلغل والممنهج، وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة. 

الملفت أنه للمرة الأولى، نشهد سخطًا كبيرًا على جميع الزعماء اللبنانيين، بلا استثناء، فيما يشبه الإجماع الشعبى المُطالِب بإسقاط النظام «الطائفي»، بجميع رموزه، وطبقته السياسية، رافعين شعار «كلون يعنى كلون» أى «جميعهم»!

سنوات من الغياب الواضح للدولة، فى ظل فساد متغلغل ومحسوبية ورشوة ونهب للمال العام فى جميع الوزارات والمؤسسات، ليتربع لبنان على عرش الدول العربية الأكثر فسادًا، قابعًا بالمرتبة 138 من أصل 180 بلدًا حول العالم.

تشير تقديرات البنك الدولى «تقرير 2017» إلى أن الأموال المنهوبة من الخزينة طائلة جدًا، بحيث لو أعيدت فبإمكانها انتشال لبنان من وضعه الحالى إلى مصاف الدول الغنية، خصوصًا أن المبالغ المسروقة تقدر بـ851 مليار دولار!

كما أن حجم الأموال التى «نهبها» القادة والزعماء والسياسيون على مدى عقود، كان يمكنها أن تحول لبنان إلى دولة قوية، ماليًا واقتصاديًا، لكن مع الأسف، أصبح ضمن البلدان الأكثر مديونية فى العالم، ليحتل المرتبة الثالثة من حيث نسبة الدَّين إلى الناتج المحلى الإجمالي.

نعتقد أن الحل الأمثل لأوجاع لبنان يبدأ من مراجعة شاملة لاتفاق الطائف، الذى مرَّ عليه ثلاثة عقود، ولم يعد صالحًا لمعالجة الأزمات المتجذرة.. صحيح أنه أوقف حربًا أهلية طاحنة، لكنه فى الحقيقة كرَّس حكمًا طائفيًا مستمرًا حتى اليوم، من خلال المحاصصة بين أمراء الحرب!

لعل أبرز الآثار السلبية لاتفاق الطائف، هو انقسام اللبنانيين إلى فريقين أساسيين، بولاءات خارجية، الأول قوى 8 آذار، ويضم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطنى الحر، والآخر 14 آذار، ويضم تيار المستقبل والكتائب اللبنانية وحزب القوات.

ربما كان العام 2005 هو الوقت الأنسب لعقد اجتماعى جديد، بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري.. ذلك الحادث الشنيع الذى أكد عدم التئام جراح الحرب، وأن «التوافق» لا يزال هشًا، رغم مرور 15 عامًا على «الطائف»!

لبنان أصبح فى أمسّ الحاجة إلى مؤتمر تأسيسى لكتابة دستور جديد، يُعيد النظر فى النظام القائم على أساس «المثالثة» فى الحكم، لأن اتفاق الطائف ليس سوى هدنة طويلة الأمد لحرب أهلية جديدة وحتمية.

أخيرًا.. لم يعد بالإمكان استمرار نظام سياسى يُغَذِّى الأحزاب والجماعات على أسس طائفية ومصلحية، عمادها الولاء لزعيم تيار أو قائد حزب، ولذلك نرى أنه لا جدوى من بقاء اتفاق الطائف، الذى انتهت مدة صلاحيته، بتغير الزمان والظروف السياسية والإقليمية.

[email protected]