عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قضية الاكراد تطفو فوق السطح وتشتعل، ثم ما تلبث أن تغرق بعيدا فى انتظار وقت آخر، ولتعرف لماذا يحدث هذا؟ عليك أن تعلم أسلوب حياة الأكراد وعاداتهم؛ والتى هى نتيجةٌ حتمية لطبيعة البِلاد التى يعيشون فيها، فالظروف المناخية وتكوين المناطِق التى استوطنها الأكراد جعلتْ منهم بدوًا أو أنصافَ بدو، ففى غالب الأمْر يَعيشون بالسهولَ فى فصل الشتاء فى بيوت مِن اللبن، ويقومون بزِراعة الأرْض فى الربيع، وعندما يأتى الصَّيف يعودون مع قطعانهم إلى المراعى العالية مِن الجبال، حيث تتمُّ عمليات الانتقال للمناطق الجبليَّة فى هجرات موسميَّة وَفق خطوط سيْر مرسومة منذُ أجيال وهناك كتاب «أرب شامو» «الراعى الكردي»، يصِف حياةَ الكردى بأنه عندما يذوب الثلج، وتزهر الأشجار، يدبَّ النشاط فى القرية الكردية، ومنذُ الصباح الباكِر تبدأ الحركةُ فى كلِّ مكان: فالأكراد يستعدُّون لأن ينتقلوا بقطعانهم إلى منطقة تُسمَّى «دولجا» حيث تضَع المواشى الصغيرة حملانها، وفى مناطق «الدولجا»، يُقدِّمون للمواشى أكثرَ ما يستطيعون من غذاء لتنموَ بأسرع ما يُمكِن، وتقوَى أجسامها على تحمُّل الهجرة المنهِكة إلى أعالى الجبال عندما يشتدُّ الحر.

وفى مراعى الصيف يؤلِّف الأكراد جماعاتٍ من نوع فريد تُدعى «أوبا»، من أربعين أو ثمانية وأربعين سيِّدًا؛ لكى يقوموا على رِعاية مواشيهم بصورة مشترَكة، ويرأس كل جماعة «أوباباشي» يكون أغْنَى الأعضاء وأوسعهم نفوذًا، ويتسلَّم زمام الأمور، فيوزع الرسوم، ويعيِّن الأماكن الصالحة لرعْى الماشية، كما يحدِّد الفترةَ الملائمة للانتقال بالمواشى مِن مرحلة إلى أخرى، ويُنتخب هذا الرئيس انتخابًا، والجميع يَدينون له بالطاعة. وللماشية  اهمية كبيرة للكردى فهى رأس ماله، ومِن الحيوانات الأهليَّة شائعة الاستعمال: الجمال والأبقار والحمير، والماعز والغنم والكلاب، ونادرًا ما يقومون بتربية الجِمال، أمَّا الحصان الكردى فيُشبه الحصان العربى غير أنَّه أصغر وأشد قوَّة، ويعتبر الأكراد مِن أمهر فرسان العالَم، وغنم الأكراد كبير الحجْم،  وصوف هذا الصِّنف أنعم مِن صوف الأغنام فى سوريا والعراق، وهناك نوعٌ آخَر فى منطقة أرمينيا القديمة أبيض اللون، صوفه طويل يسمَّى «أدميس»، ويشكل الحليب ومشتقَّاته من الجبن والزبد الغذاء الرئيسى عندَ الأكراد ونادرًا ما يأكلون اللحم، اللهمَّ إلا فى المناسبات. والزراعة تلقى اهتمامًا ثانويًا؛ حيث يزرعون القمح والذرة، والشعير والأرز، بقدْر ما هم بحاجة إليها فى معيشتهم فقط، ذلك أنَّ ثروتهم الحقيقية تعتمد على تربية قطعان الماشية.

ونادرًا ما يستعمل الكردى النقودَ فى تعاملاته، ويعتمد على نظام التبادُل والمقايضة. المنزل الذى يقطُنه الكردى يتغيَّر تبعًا للموقِع ولشروط المناخ، وفى أغلب الأمْر يسكُن الكرديُّ فى بيوت مبنيَّة مِن اللبن فى الحضَر، أو فى خيام فى أماكِن المرتفعات لسهولة التنقُّل، خاصَّة فى فصول الصيْف شديدة الحرارة، ويتألَّف المنزل الكردى عادةً من شقتين أساسيتين، إحداهما تُسمَّى «كولان»، وهى عبارة عن بيت للمؤونة تُحفظ فيه المياه والمواد الغذائية وأدوات التنظيف والمطبخ، وتُستعمل الشقة الثانية للسكَن، ويكون فى وسطها «التنور» أو الموقدة، وإلى يمين مدخلِ البيت مصطبة مِن الطين على طول الحائط، تُغطِّيها البُسط أو الفرش، وتُسمَّى «الدشك»، وفى صدر الغُرفة رفٌّ كبير من ألواح الخشب الموضوعة فوقَ محامل خشبية والمغطاة بالحُصر، وتوضع فوق هذا الرفِّ الفرش والألحفة والمخدَّات وتحته تخبأ أوعية الزيدة والقاورمة (اللحم المجفف) والجبنة المكبوسة.

 ونجِد أنَّه فى أيام الشتاء يُبسط فوق الموقدة لوحٌ خشبى كبير يُغطَّى بحرام مِن الصوف، وينام الجميع تحتَه، أمَّا الخيام فهى خفيفة سهلة التنقُّل وتشبه خيام البدو العَرَب فى الشمال، وتتألَّف مِن قماش أسود مصنوع مِن نسيج شَعر الماعز؛ ولذلك تُسمَّى «البيوت السوداء»، ونسيج شعْر الماعز كثيف بحيث لا يسمح للمَطَر بالنفاذ مِن خلاله، وداخل الخيمة تُغطِّى قطع السجاد المحلَّى الأرضَ، وتختلف الخيام فى مساحتها وأثاثها حسبَ مكانة صاحب الخيمة.