عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذهب كم يونج رئيس كوريا الشمالية فجأة لزيارة مدرسة ثانوية بإحدى القرى ليتفقد شئون التعليم هناك وأمر بإعدام معلم ومدير مدرسة أمام طلابهما فى طابور المدرسة فوراً، وتعود أحداث القضية عندما تفاجأ بتأخر معلم 7 دقائق و18 ثانية عن الحضور في الصباح وكاد أن يأمر بإعدام هذا المعلم لكن قال له مساعده وهو قائد عسكري: «إن كانت هذه أول مرة فيكفيه إنذاراً» فوافق الرئيس على الإنذار فسأله: هل هى أول مرة تأخيرك؟ فقال المعلم: نعم لينجو بنفسه، فهنا سأل مدير المدرسة: هل أول مرة يتأخر؟ قال المدير نعم، بعد دقائق تمت مراجعة كاميرات مراقبة المدرسة وتبين أن المعلم كذب والمدير كذب لأنها ليس أول مرة يتأخر فأعدمهما في اللحظة بطابور المدرسة أمام الطلاب بتهمة خيانة الوطن، وأمسك ميكروفون المدرسة مخاطباً الطلاب: (إن هذا الوطن لا يتحمل الخونة.. فاتعظوا، فالمعلم والمدرسة.. هما اللذان يخلقان أجيالًا تحترم القانون والنظام، ومرة أخرى وفي واحدة من أحدث حالات الإعدام الغريبة، أمر رئيس كوريا الشمالية بإعدام وزير التعليم، وذلك بسبب أنه «غفا» أو غلبه النعاس وربما النوم خلال اجتماع رسمي، بحسب تقرير نشرته وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية، وهو التقرير الذي لم يكشف إن كان الاجتماع الذي شهد غفوة الوزير قد حضره الرئيس أم لا، كما أمر الرئيس الكوري الشمالي بتسريح اثنين من كبار المسئولين في وزارة التعليم ومعاقبتهما بإعادتهما إلى مقاعد الدراسة مجدداً، حيث سيعودان إلى التعليم دون أن تتضح الجريمة التي اقترفاها.

ووفقاً لوسائل الإعلام القريبة من الشأن الكورى فإنه يتعين ألا نكون صورة ذهنية عن الزعيم الكوري بأنه ليس لديه قلب، فهو إنسان يمكنه أن يمتلك المشاعر والأحاسيس ويتبادل الحب وهو ما جعله يرتبط بمغنية تدعى «هيون سونج» لكنه قتلها أيضًا رمياً بالرصاص بعدما تم اعتقالها مع 17 متهماً آخر بتهمة تصوير أفلام منافية للآداب، وأصدر كيم قراراً بإعدامها رمياً بالرصاص لينطبق عليها المقولة الشهيرة «ومن الحب ما قتل»، وعلى الجانب الآخر فإن من أهم ما تمتاز بها الشريعة الإسلاميّة بأنها جاءت موضحة لكل شئون حياة المسلمين وحلاً لجميع مشاكلهم ويعتبر القصاص من الحلول التي شرعها الله تعالى لحل المنازعات والخلافات الحاصلة ما بين جموع المسلمين، كما أنّه أساس نظريّة العقوبة في الشريعة الإسلامية، وهناك آية تمثل قاعدة قرآنية عظيمة ـ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ثم قال تعالى مبيناً هذه القاعدة العظيمة في باب الجنايات {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة: 178، 179]، فهنا جزاء القتل بالقتل طبقاً لمفهوم الآية الكريمة (ولكم فى القصاص حياة، ولكن ماذا عن تصرف كيم يونج بإعدام معلم بسبب التأخير؟ بالتأكيد المعلم يستحق العقاب لكن أرى من وجهة نظرى التربوية أن هذا التصرف يحمل عدة اتجاهات، أولها اتجاه وطنى والسعى للقضاء على الفساد فوراً وفى الحال، وأما الاتجاه الثانى فهو اتجاه خاطئ تربوياً ولا يليق مع حجم الحدث، فالفعل يستحق العقاب ولكن ليس عقاب الإعدام، فمن الحكمة ألاَّ نُوقع عِقابًا قاسيًا جداً ضد المعلم (أسمى مهنة) إلاَّ بعد استنفاد الوسائل الأخرى في تعديل السلوك، فالأفضل هو التدرج في أسلوب العلاج حتى يكون العقاب القاسى آخر مرحلة، فإذا تحقَّق التعديل والإصلاح في مَرحلة فلا يجوز اللجوء إلى المرحلة التي تليها، لأنَّ الغرض تحقَّق، فيسلك الحاكم الترغيب قبل الترهيب من الناحية التربوية ولا يلجأ إلى العقوبات القاسية إلاَّ بعد تحقُّق تلك المراحل، وفى النهاية فإن قيام المعلم بعمله بإخلاص وتفانيه في أدائه وشعور الطلاب بذلك يعد من أهم الأسباب وأفضل الشروط للانضباط، علماً بأنه ليست هناك قاعدة ذهبية لحفظ النظام لأن ما ينفع في حالة قد يضر في حالة أخرى، حيث أن القدرة على ضبط النظام والهيمنة شيء موهوب ولكن مع ذلك يمكن أن نصل إليه بالتدريب في مواقف تعليمية مختلفة ونظرة الحاكم الرشيد إلى الأمور التربوية والتعليمية لابد وأن تختلف عن نظرته إلى الأمور التشريعية والجنائية والحربية والعسكرية فليس عملية تأخير معلم تشابه عملية قتل نفس بشرية فعلها مجرم.. فهنا أرى أن المعالجة تتطلب الاختلاف والتمييز، وأيضاً فى إطار الحرص على مصالح الوطن.

[email protected]