رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

لا حديث لأحد فى مصر الآن إلا عن الإعلام! لا الدولة راضية عنه ولا الشعب ولا الإعلاميون أنفسهم! كان الرئيس السيسى تمنى قبل سنوات أن يكون لديه «إعلام مثل إعلام الرئيس عبدالناصر». وكان المعنى أنه يريد إعلاماً يؤازر ويساند الدولة فى التحديات التى تواجهها من البناء والتنمية إلى مكافحة الإرهاب. وجرت عشرات المحاولات وتعددت الأساليب من أجل إيجاد هذا الإعلام! ما حدث يبدو أنه لم يكن يخطر على بال! فالإعلاميون المهرة خرجوا -أو أخرجوا- إلى الآستانة، تماماً مثل الأسطوات المهرة، ولكن هذه المرة من دون فرمان الباب العالى أو أوامره أو نقلهم القسرى إلى عاصمة العثمانلي! لا أتحدث عن بعض فلول الإخوان وأتباعهم الذين راق لهم الطعام والشراب والدولار فى «إسطنبول» و«قطر»، وإنما أقصد هجرة العقول المصرية النابهة المبدعة التى أبدعت فى كل المجالات، وساهمت فى بناء الدولة العربية الحديثة. هاجروا بحثاً عن حياة أفضل فأصيبت مصر فى مقتل. أُفْرِغَتْ البلاد من كل «الأسطوات».. من أسطوات الإبداع فى شتى المجالات إلى الأسطوات الفعليين فى مجالات السباكة والحدادة والنجارة.

شيد العرب إمبراطوريات اقتصادية حديثة بفضل أساطين المصريين فى الاقتصاد والقانون والعلوم والفنون والآداب والصحافة والإعلام، لكن فى المقابل أصبحت مصر مفرغة من عقولها، بل ومشروخة فى وجدانها. عقلها الجمعى غائب، متشرذم، متشظٍ، منهك، ووجدانها لا يستطيع أن يصلب طوله.. وكأنه مهدود مثقل بأثقال لا يستطيع أن ينزلها عن كاهله. أى قدره لمجتمع مكبل مكسور الوجدان غائب العقل والقدرة على تفريخ أسطوات جدد تروى تصحره وتدفق الدماء فى شرايينه وتركب دعامات فى قلبه الموجوع بأحلامه المستعصية للمستقبل، لا يملك المصريون مفاتيح اللحظة الراهنة حتى على مستوى المسئولين، فالأفكار التى يطرحونها فى ندوات أو دراسات أو غيرها قديمة قيلت عشرات المرات، تملأ فراغات أو تسد خانات.

لا توجد خطة أو استراتيجية أو سياسة عامة تضمن تحركا متدفقا بلا تعطيل أو إيقاف قسرى لضرورات فوقية! إعلامياً ناقش منتدى خالد محيى الدين لدى أول تدشين له قضية الإعلام.. المشكلة والحل، وتحدث باقتدار دكتور محمد المرسى وطارق المهدى وأيمن عدلى، وقدمت مداخلات من صحفيين كنت أحدهم، لكن فى النهاية لم نعرف إجابة عن سؤال بسيط: لماذا تتم الاستعانة بشخص معين فى منصب وزير الإعلام، ثم لماذا يرحل دون أن ندرى السبب رغم ما قد يكون حققه من نجاح؟ مأزق الإعلام شديد لأنه الطلقة المباشرة التى تتعامل مع الجهل وغيبة الوعى والتسطيح. ومع كل ضروراته لانطلاقتنا، إلا أننا يعوزنا الأسطوات فى كل شىء! رأينا تجارب عقيمة بعد اختيار رؤساء تحرير ليسوا حتى على مستوى تلامذة هيكل ومصطفى أمين. يأتون بإعلاميين يمنحونهم الملايين، يسترون عيوبهم خلف حللهم الباهظة و(الإير بيس) الحل السحرى للجهل، ثم يجلسون فى بيوتهم حتى «يخللوا»، ثم فجأة يعادوا للحياة من دون أن نعرف سبب «تخليلهم» ثم لماذا سنأكل من هذا «المخلل» مجدداً؟! يروجون للإصلاح والتنمية رغم أنه «لا إصلاح اقتصادى بدون إصلاح سياسي»، وهذا هو جوهر أفكار سراج الدين باشا! أيها الأصدقاء: الإعلام لا يحتاج لهيئة وطنية أو لوزير إعلام أو لدراسات وإنما يحتاج أولًا وأخيراً إلى الحرية.. وإنعاش الحياة السياسية.