رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أعتقد أنه من المستحيل أن يجزم أحد بأن هيئة الأمم المتحدة، سواء فى شكل جمعيتها العامة، أم فى شكل مجلس الأمن، لها الكلمة العليا أمام كلمة الولايات المتحدة الأمريكية.

من المعروف أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا يستطيع أن يصدر قرارا إلا إذا وافقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية (وهى الدول صاحبة الحق فى استعمال الفيتو). الفيتو، هو حق ممنوح للدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن، لكى تتصدى عن طريقه لأى قرار يصدر على غير هواها، وعلى رأس هذه الدول بطبيعة الحال، أمريكا، وروسيا، والصين، وإنجلترا، وفرنسا، فأى قرار يحتمل صدوره من مجلس الأمن، وليس فيه مصلحة أى دولة من تلك الدول الخمس الكبرى، فمن حق أى منها أن يوقفه باستعمال حق الفيتو.

أما الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى لا تملك أى دولة فيها حق الفيتو، فإن أى قرار يصدر عنها - فى الحقيقة- مجرد حبر على ورق، لأنه لا يحظى بأى قوة فى التنفيذ، بعكس قرارات مجلس الأمن التى ربما تحظى بشىء من قوة التنفيذ لحصولها على موافقة الدول الخمس الكبرى. ومن هنا يمكننا القول، إن أى قرار يصدر سواء من هيئة الأمم، أو من مجلس الأمن لابد أن يحظى بموافقة أمريكا وباقى الدول الأخرى صاحبة حق الفيتو، حتى تكون له قوة فى التنفيذ. وباعتبار أن أمريكا هى أقوى دولة فى العالم عسكريا، فهى بالفعل صاحبة القرار الأول والأخير. ولا أدل على ذلك من عشرات بل مئات القرارات التى صدرت عن هيئة الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية، ورغم ذلك لم ينفذ منها شىء لأنها تمس أمن إسرائيل، التى تعتبر الابنة غير الشرعية لأمريكا.

أقول هذا، وهو كلام بالطبع معروف للكافة، إنما أقوله بمناسبة القرارات الأخيرة التى صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار فى سوريا، وإلزام تركيا العودة إلى حدودها قبل العدوان، مثل هذه القرارات لا أهمية لها، فهى مجرد حبر على ورق لأن أمريكا لا ترغب فى تنفيذها. ففى الحقيقة، أن كل ما تفعله تركيا الآن يتم بموافقة سابقة من أمريكا. وهكذا أصبحت الجمعية العامة للأمم المتحدة ما هى إلا مجرد (مكلمة) تتحدث فيها أى دولة تشعر بالظلم من أجل مطالبة باقى الدول بمساندتها ورفع الظلم عنها. أما ما يصدر عنها من قرارات لابد أن يحظى بموافقة من أمريكا حتى يكون لها قوة تنفيذية، وإلا سوف تصبح قراراتها هى والعدم سواء.

ويا ليت الأمر قد وقف عند هذا الحد، بل إننى أصبح لدى قناعة كاملة بأن الدول الخمس الكبرى على اتفاق تام فيما بينها لأكثر الأمور حساسية بالنسبة لباقى دولة العالم، فلا تستطيع دولة من الدول الكبرى أن تعتدى على نظيرتها من الدول الخمس، لأن فى اعتداء أى منها على الأخرى فناء للدولتين، إذا استعملت فى الحرب الاختراعات الحديثة سواء كانت ذرية أم هيدروجينية أو غير ذلك من الاكتشافات الأخرى. ومن هنا، فإنى أتصور أن أمريكا باعتبارها أقوى دولة فى العالم عسكريا، هى صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فى أى خلاف يحدث فى المنطقة العربية. فلا يتصور مثلا، أن روسيا تحارب أمريكا، أو أن الصين تحارب إنجلترا، أو أن فرنسا تحارب إيطاليا.

تذكرنى تلك الحالة المؤسفة لهيئة الأمم المتحدة، بالمرحومة جامعة الدول العربية، وأرجو أن تعذرنى عزيزى القارئ باستعمال كلمة مرحومة، لأنها بالفعل ماتت إكلينيكيا، وما يدب فيها الآن من حياة ما هو إلا نتيجة استعمال الأجهزة المساعدة، فحال الدول العربية مؤسف للغاية، سواء بسبب الصراعات الداخلية، أم صراعات دولية بين الدول العربية بعضها البعض، أم صراعات مصلحية وجاسوسية لحساب الدول الكبرى. المهم أن الدول العربية فى حالة سيئة للغاية ولا يتصور أن يصدر عنها قرار له تأثير فى أى خلاف قائم فى المنطقة.

أقول هذا وقلبى يقطر دما على الحالة التى وصلنا إليها، وللأسف الشديد هذا ما كنا نخشاه نتيجة رعونة بعض المتطرفين الذين اتخذوا من عباءة الدين لباسا لهم. أملى كبير فى باقى دول المنطقة، التى لم تصب بعد بفتنة الربيع العربى، أن تظل فى ثباتها وقوتها فى مواجهة الشيطان الغربى.

وتحيا مصر.