رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يضغط على أعصابنا منذ أكثر من عشر سنوات تأثير مشروع سد النهضة الإثيوبى على حياتنا ووجودنا.. المسألة ليست هزارا أو ترفا سياسيا نشغل أنفسنا به فى أوقات الفراغ.. إفريقيا تمتلك 9% من المياه العذبة فى العالم وتحتاج إلى 15%، والمؤكد أن استهلاك المياه سيزيد بشكل جنونى فى السنوات القليلة القادمة.

 وفقا لتقارير الأمم المتحدة الرسمية تخسر مصر 3.5 فدان من الأراضى الزراعية الخصبة بالدلتا كل ساعة بسبب الزحف العمرانى المدفوع من نمو سكانى مخيف. أيضاً ارتفاع مستوى سطح البحر الأبيض يضاعف من مستودعات المياه المالحة التى تؤدى لفقدان جزء من الأراضى الزراعية تحت وطأة ظاهرة التملح.. فى المقابل ننتقل لإثيوبيا التى يتوفر بها 85% من منابع مياه النيل، وأيضاً يزيد عدد سكانها بمتوالية سريعة جدا.. هناك ما يمكن أن نسميه بالاستعمار التعاقدى فى إثيوبيا، حيث وقعت الحكومة الإثيوبية عقودا مع مستثمرين أجانب حكومات وأفرادا، وبموجبها انتقلت ملكية 8.2% من الأرض الزراعية للمستعمرين الجدد.

نقلا عن الجارديان البريطانية أن الشركات الأجنبية تصل بأعداد كبيرة إلى إثيوبيا وتسلب الناس الأراضى التى كانوا يستصلحونها منذ قرون.. تتم الصفقات سرا.. الشيء الوحيد الذى يراه السكان المحليون (الإثيوبيون) هو قدوم أناس مع عدد كبير من الجرارات لغزو أراضيهم.. يفرض على الناس العمل لصالح شركة هندية سلبت أراضيهم عنوة.. الناس لا يصدقون ما يحدث وسوف يتعرض الآلاف للجوع .. ما بين 2008 و2009 خلص البنك الدولى لتقارير مفادها أن دولا وشركات أجنبية اشترت ما يقرب من 80 مليون هكتار من الأراضى فى دول إفريقية، أى ما يعادل مساحة دولة مثل باكستان.

 فى أوغندا تمكن الأجانب من تسلم 14.6% من الأراضى الأوغندية بعقود حكومية ورغم أنف الملاك الأصليين للأرض من أهل البلاد.. سد النهضة ليس مجرد مشروع إثيوبى ولكنه مشروع تقف خلفه دول وشركات تملك 8.2% من الأراضى الإثيوبية ومنها دول عربية ومستثمرون عرب وإسرائيل التى تضع موضوع سد النهضة بيد أجهزتها الأمنية والمخابراتية وليس الفنية.. الرعب من العطش والجفاف له ما يبرره ويبرر اتجاه الكثير من الدول التى تقع تحت حزام الفقر المائى ومنها مصر لاتخاذ ما يمكنها من سياسات تقلل بها من حجم المخاطر أو تقضى عليها إن استطاعت.

 فى السعودية مثلا قدم أحد الأمراء السعوديين وهو الأمير محمد الفيصل تمويلا للمهندس الفرنسى – جورج موجان – لوضع خطة عمل لاقتطاع أجزاء من الجبال الجليدية فى شمال المحيط الأطلسى ومن ثم سحبها إلى المناطق التى تعانى الجفاف الشديد بالسعودية.. ووفقا للفيصل ومورجان فإن 30 مليون طن من جبل الجليد توفر مياها عذبة تكفى 500 ألف نسمة لمدة عام (المصدر كتاب المستقبل لألبرت آل جور نائب الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون ).

إذن نحن فى مصر أمام خطر وجودى، ويضاعف من مخاوفنا زيادة معدلات الهجرة من الريف للمدن وزيادة متوسط الأعمار واتساع نطاق المدن الجديدة.. مع بداية الثورة الصناعية فى مطلع القرن التاسع عشر بدأت الهجرات من الريف إلى المدن وأصبح سكان المدن يمثلون 13% من عدد السكان فى العالم حتى بداية القرن العشرين.. بحلول عام 1950 أصبح ثلث سكان العالم يعيشون فى المدن، واعتبارا من عام 2011 أصبح أكثر من نصف البشر يعيشون فى المدن. 78% من الناس فى الدول المتقدمة يعيشون فى المدن والنسبة مرشحة للزيادة بحلول عام 2050 لتصل إلى 86% فى مقابل 64% فى البلدان الأقل نموا. مصر مع قدوم الحملة الفرنسية (1798) كان تعداد سكانها 2.5 مليون نسمة وفى عام 1882 أظهر أول تعداد للسكان فى عصر توفيق أن المصريين أصبحوا 6.7 مليون نسمة.. عام 1947 وصل عدد السكان إلى 18 مليونا.. واليوم تجاوز عدد المصريين المائة مليون نسمة.

 القاهرة الكبرى مع قدوم نابليون كان عددها 250 ألف نسمة، واليوم سكان القاهرة الكبرى 25 مليونا.. سرد هذه الإحصائيات ليس من قبيل الاستعراض الرقمى ولكن الأرقام ليست هياكل عظمية ميتة، ولكنها تمتلئ بالروح وتموج بالحقائق التى تبدو أحياناً مرعبة.. وهى كذلك بالفعل.