رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

نجحت سوريا فى الإسكندرية، وتم إفشالها فى القاهرة.

حصدت سوريا عن جدارة، على نصيب الأسد من جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائى، وخرجت من الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية خالية الوفاض، اللهم من بيان إدانة شديد اللهجة ضد الغزو التركى لحدودها الشمالية. وفى بيانها اعتبرت جامعة الدول العربية العدوان التركى خرقًا لمبادئ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعية لوحدة واستقلال سوريا، وحثت المنظمة الدولية بالاضطلاع بمهامها فى هذا الخصوص، ودعت للانسحاب التركى غير المشروط، ووصفت السعى التركى لعمل منطقة عازلة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وحمل البيان تركيا مسئولية عودة داعش، وطالبها بمنع التنظيمات الإرهابية من التسلل خارج سوريا!

تجميد عضوية سوريا فى الجامعة العربية فى نوفمبر 2011، كان هو القرار الثانى فى تاريخ الجامعة بعد تجميد عضوية مصر عام 1979 الذى اقترن كذلك بنقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، عقب توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. وفى بيانها، لم ترد أية إشارة تفيد بأن النية متوفرة لإنهاء قرار تجميد عضويىة سوريا فى الجامعة، أو حتى الوعد ببحثه لإنهائه. ورد الحديث عن ذلك فى كلمة الأمين العام أحمد أبوالغيط، حين قال إن هناك حاجة لعقد اجتماع لبحث استعادة المقعد السورى فى الجامعة، لكنه فى رده على أسئلة الصحافة وصف تلك العودة بأنها مشكلة معقدة.

يوم الخميس أعلن وفد ترامب إلى تركيا الذى ضم نائبه ووزير الخارجية وقف العمليات العسكرية لعدة ساعات، تنسحب خلالها قوات سورية الديمقراطية المشكلة من الأكراد، لكى يقيم السلطان التركى المنطقة العازلة داخل الأراضى السورية. بيان الجامعة  كان قد تعهد باتخاذ إجراءات عاجلة، بينها خفض التمثيل الدبلوماسى مع تركيا، ووقف التعاون العسكرى معها، فما هى الخطوة التى ننتظرها لكى تضع الجامعة هذا البند موضع التنفيذ؟ خاصة أن السلطان التركى، قد منح حملته العسكرية غطاًء دينيًا، بوصفه جيش غزوة «الجيش المحمدى»، وفرض على دعاة المساجد تلاوة سورة الفتح، لتبرير الغزو لأراضى الغير والتهجير القسرى والقتل، ووصف تلك الجرائم بغير حقيقتها، وهى الطريق الإخوانية المعهودة، القائمة على المتاجرة بالدين ونشر دعوات الجهاد  للترويج لمشروعهم السياسى، وهى هنا دولة الخلافة، التى يبيت أردوغان ويصحو على الحلم باستعادتها. فضلًا عن أن أعضاء تنظيم داعش الإرهابى، الذين تتضارب الأرقام المعلنة حول أعدادهم، وهى تتجاوز على كل حال عدة آلاف، سوف يطلقهم علينا، لمناكفة الأنظمة العربية التى تناوئ مشروعه الدينى الفاشى، هذا إذا لم ينجح العراق فى الحصول على مليارى دولار من المجتمع الدولى، للقبول باستلام هؤلاء ومحاكمتهم داخل الأراضى العراقية!

شكل  قرار ترامب سحب قواته من سوريا، والتخلى عن شركائه الأكراد، ضوءًا أخضر للحملة التركية على شمال سوريا. وبدت الاحتجاجات الأوروبية العنيفة للغزو التركى  متخمة بالتهديدات، وخالية من أى فعل حقيقى لوقفه أو التمادى فيه. ولا يهم هؤلاء سوى منع هجرة اللاجئين إلى بلادهم، وحماية أرواح الجنود الغربيين المشاركين فى التحالف الأمريكى ضد داعش داخل سوريا، ورفض عودة مواطنيهم من أعضاء ذلك التنظيم إلى بلدانهم فى الدول الأوروبية!

وفى مواجهة كل ذلك وغيره من أخطار محدقة، لم يعد أمام العرب لحماية أوطانهم ومصالحهم، سوى التفكير الجدى فى إعادة بناء نظام إقليمى عربى جديد يمتلك من عناصر القوة ما يحمى دوله ويصون مصالحها، ويتصدى لمطامع دول إقليمية تسعى للتحكم فى مصائره، ونظام دولى أعمى البصر والبصيرة، لا يفكر سوى فى المغانم التى يحصدها من  جثث الشعوب وأوطانها.

ولعل الخطوة الأولى نحو ذلك، أن تكون عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين مصر وسوريا، وعودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة، وهى إحدى الدول المؤسسة لها، فمتى نخطو نحوها؟