رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

في كتابه الجديد «التنوير الآن»، يواجه الباحث الامريكي– الكندي «ستيفن بينكر»، الصورة التي تقدم العالم المعاصر بوصفه إخفاقات عميقة في الحداثة وسلسلة من الأزمات العميقة، مؤكدًا تراجع مؤشرات السوء في عالمنا من ناحية تقدم المساواة.

ويثبت بينكر أنّ مبدأ التنوير لا يزال جوهر الإبداع البشري ومصدرًا لقيم الخير، عبر تقديم بيانات دقيقة عن سائر الحركة الإنسانية في أمريكا والعالم الآن، ومقارنتها بما كانت عليه قبل 3 عقود: فقد كان معدل جرائم القتل نحو 9 لكل مئة ألف إنسان، لينخفض إلى نحو 5 في العام 2014، وبينما كان 11% من سكان أمريكا تحت خط الفقر أصبح 3% اليوم، كما تم خفض نسبة إنتاج ثاني أكسيد الكربون سنويًا بنحو 4 ملايين طن، وتراجع عدد الملوثات في الغلاف الجوي من 34 مليون طن إلى 20 مليوناً.

وحول تاريخ الاجتهادات الداعمة للفكر التنويري، اجتمع  في مارس من عام 1980م في باريس أربعون عضوًا من مشاهير مفكري العرب لتأسيس «حركة تنوير عربية». وكانت فكرة التأسيس هذه قد راودت أسرة تحرير مجلة «الطليعة» القاهرية في عام 1979م. والمفارقة هنا أن ذلك الاجتماع التأسيسي كان هو الأول والأخير، أي أنه قد أصيب بالفشل.

والسؤال إذن: لماذا فشل؟

ويجيب د. مراد وهبة أستاذ الفلسفة والمفكر الرائد بسؤال: لماذا انعقد ذلك الاجتماع في باريس ولم ينعقد في أي بلد عربي، خاصة أنه يدعو إلى حركة تنوير عربية؟

وهنا يذكر د. وهبة بنبرة تشاؤمية أنه يمكن القول: إن أسرة تحرير مجلة الطليعة لم تعثر على بلد عربي يقبل استضافة مؤتمر عن التنوير. وبنبرة تفاؤلية يمكن القول: إن اختيار باريس كان مردودًا إلى أنها عاصمة النور، حيث بزغت فيها حركة تنويرية في القرن الثامن عشر من فلاسفة التنوير، من أمثال ديدرو ودالامبير وروسو وفولتير ومونتسكيو. أما أنا فمنحاز إلى النبرة التشاؤمية؛ لأن التساؤل يظل قائمًا: لماذا لم تقبل الدول العربية استضافة مؤتمر التنوير؟ للجواب عن هذا التساؤل أستعين بحوار دار بين اليسار المصري وتوفيق الحكيم في يناير 1975م. وفي ذلك الحوار كان رأيي أن أوروبا قد مرت بحركتين للتنوير: «تحرير العقل»،              و «التزام العقل بتغيير الوضع القائم».

أما الدول العربية ومن بينها مصر فلم تمر بهاتين الحركتين. وقد وافق توفيق الحكيم على هذا الرأي، ثم استطرد قائلًا: لقد ارتددنا إلى الوراء من بعد العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين؛ بسبب الرجعية الدينية الخرافية التي لا تتفق مع جوهر الدين، ولكنها تتستر باسم الدين لتلغي دائمًا دور العقل. انظروا كمثال لمهرجان الملابس في الجامعة. إنهم يقولون: هذا زي إسلامي، وذاك زي غير إسلامي. وهنا تذكر توفيق الحكيم المقالات التي كان يكتبها في عام 1939م بمناسبة صراعه مع السلطة الدينية. ومن هنا دعا إلى ضرورة نشر العلمانية في التفكير وفي المنهج العلمي.

 

[email protected]