رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو الكردى دائمًا أبدًا في حالة حرْب، نَّمِرا رابضًا وراءَ الصحراء، لا ينزع المسدسَ من كفِّه؛ تلك هى تعويذة البقاء لديه، أستشعرها من كتاب مهم وقديم بعض الشىء بعنوان «الكرد» مؤلفه «باسيل نيكتين»، مستشرق روسي يجيد اللغة الكردية، إلى جانب كونه عالم انثروبلوجيا مما ساعده كثيراً فى فهمهم. الكتاب صدر بباريس عام 1956 بتشجيع مِن المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلميَّة. والأكراد كما يراهم المؤلف يُشكلون عنصرًا مهمًّا في آسيا، بل إنهم أيضًا لاعبو دور رئيسي في تطورها السياسي والاجتماعيي والروحي. وثمة ربط بين الأكراد وبين «الكردوخيين»، تلك الشعوب التى عاشت في منطقة الكردستان، وهناك من يرى أن الأكراد ينحدِرون من «البختانيِّين»؛ المشكلين مع الأرمن السبطَ الثالث عشر مِن إمبراطورية الفرس، أو أن أصلهم إيراني، وأنَّهم رحَلوا في الجيل السابع قبلَ الميلاد مِن جنوب بحيرة أورميا نحو بوهتان؛ وهناك من ينسبهم للخلديِّين والجورجيِّين والأرمن.

ولغة الأكراد مهما تعدُّدت لهجاتها هي لُغة إيرانية الأصل متأثَّرة باللغة الميدية القديمة، وبالتالى فالأكراد ليسوا مِن دمٍ واحد، بل مزيج من قبائل شتى متنقلة. وفى ِعلم الأنثروبلوجيا هناك نوعان من الأكراد، فالكردي الشرقي يشبه تمامًا الإنسان الفارسي في لونه الأسمر، وفي شكل جمجمته، والأكراد الغربيون فهم يختلفون عنهم بلونهم الأشقر، وعيونهم الزرقاء، وشكل جماجمهم وهؤلاء ينحدِرون مِن شعوب أوروبا الشماليَّة. و«كردستان» هى بلاد الأكراد، وكانتْ هذه المقاطعة تضمُّ عدَّة ولايات يفصل بينها سلسلةُ جبال «زجروس»، وكانت هذه المنطقة قبل القرن الثاني عشر تُدْعَى «جبال الجزيرة»، وفي القرن الخامس عشر فقدت مقاطعة «كردستان» معظم أجزائها باستيلاء الفُرس عليها. والمنطقة التي يسكُنها الأكراد حاليًّا، تمتدُّ لأراضٍ شاسعة، تبدأ قُرب بغداد عند ضاحية «مندلي»، وتمتدُّ شمالاً على طولِ الحدود العراقيَّة والإيرانية ثم على حدودِ إيران وتركيا، حتى جبل أرارات، وهي تشمل منطقةَ القوقاز السوفياتية.

 وكان عددُ الأكراد كبيرًا جدًّا في القسم التركي مِن أرمينيا، غير أنَّ السلطات التركية الأتاتوركية عملتْ على إجلائهم في عامي 1926 و1927، ونفت منهم إلى الأناضول أكثر مِن مليون شخص، ودمَّرتْ قراهم وأبادتها تمامًا، ونرَى الأكراد بصفة عامَّة مشتتين في مناطق متفرِّقة على الحدود الجبليَّة لتلك البلدان، ويقل عددهم في السهول وعلى ضِفاف البحيرات. ويرى المؤرخون أن الكرديُّ يمتاز باستقامته التي لا تتزعزع، وبحفاظه على العهْد الذي يقطنه، وعطفه النبيل على أقارِبه، وسلوكه الإنساني، وبصورة خاصَّة أكراد الجنوب والوسط، وإحساسه الثاقِب بالأدَب والشِّعر، ومسارعته إلى التضحية مِن أجل قبيلته، وتفاخره ببلادِه وعرقه، وأنه على الرغم مِن بداوة الأكراد، فإنَّهم يتمتَّعون بمشاعر الكرامة، ويتقيَّدون كليًّا بعهودهم، فإذا ما وعدَك أحدُهم بأنه سيوصلك سالمًا إلى مكانٍ ما، فاطمئنَّ إليه دون أيِّ تردّد، ولكن إذا ما صادَفك في الغد فإنَّه لا يتردَّد إطلاقًا في معاملتك معاملةً قاسية إذا لزِم الأمر.

وهناك تمازج بين الصفات السيِّئة والحسنة لدَى الأكراد، ولم تتغيَّر طبائع الأكراد منذُ عام 1000 قبل المسيح، إنَّهم شعبٌ قوي وموهوب، يحسنون المعاملة، ومع ذلك هناك شيء ما ينقصهم، فيلبثون شعبًا فاشلاً؛ إذ إنهم لم يتمكَّنوا حتى الآن مِن التخلُّص من حياتهم القبليَّة؛ وهم استعدادٌ دائم للقتال، ولديهم استقامةٌ وتفانٍ مطلَق في خدمة أمرائهم، وفاء للعهد، وكرَم وحُسن ضيافة، إلى جانب الثأر للدمِ المهدور، وهناك عداوات قبليَّة تنشب بيْن أقرب الأقرباء، مقترنة بحب للفُروسيَّة، احترام فائِق للنساء، ويجمع الأكرادُ بالإضافة إلى طبائعهم الحربية حبًّا قويًّا للحرية، وتمسُّكًا بطوليًّا بكرامتهم.