رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

لا يمكن بحال من الأحوال أن يمر مرار الكرام ما جرى فى اختيار هذا الرجل العادى ليكون رئيساً للجمهورية.. فهو شخصية غير محسوبة على حزب أو جماعة أو فئة، ولا حتى من أسرة غنية أو من قبيلة تدعى أنها شريفة فقط لنسبها لآل البيت.. إنه مجرد واحد من طبقة متوسطة مثله مثل الآلاف من أبناء هذه الطبقة، التى نعرفها جيداً فى مصر فلدينا منها الملايين وأبناؤها معروفون بالاجتهاد فى الدراسة ليكونوا أطباء أو أساتذة جامعات للصعود إلى الطبقة الأعلى اجتماعياً أو حتى على الأقل يحافظون على مكانتهم المتوسطة ولا يسقطون للطبقة الأقل.. من كل هؤلاء جاء الرئيس التونسى «قيس سعيد» أستاذ الجامعة!

وأعتقد أن الدوافع التى وراء انتخاب التونسيين للرجل الذى يلقبه أنصاره بـ«الأستاذ» ليكون رئيسهم الجديد.. هو حلم واحد طال انتظاره، لا اسم له سوى «العدل»، وأن اختيار دكتور جامعى فى القانون الدستورى، هو السبيل الوحيد أمامهم لتحقيق العدالة بين جميع التوانسة بدون استثناءات.. وأن هذا الحلم العظيم الذى تنشده كل الشعوب العربية، وكذلك شعوب العالم، كان يستحق من التونسيين المقامرة على اسم دكتور القانون، والمعروف كمدافع عن الدستور.. حتى ولو خذلهم فى المستقبل ولم يصبح عادلاً كما تمنوا ذلك، وكما يحدث عادة.. ولكن فى النهاية يظل العدل حلماً صعباً فى منطقتنا يستحق المغامرة!

وكذلك كان للدكتور الرئيس أفضلية متميزة لدى الشعب التونسى بين كل المرشحين وهى أنه نزل الحلبة مستقلاً لم ينافس على منصب الرئيس تحت مظلة حزب أو جماعة، ولم تدعمه فئة اجتماعية سواء من الأغنياء أو أصحاب الاعمال والمصالح.. ولكنه كان من عامة الناس، ومجرد موظف بدرجة الدكتوراه فى الجامعة.. وذلك يعكس رفض الشعب للأحزاب والتنظيمات والفئوية ذات الأفكار المسبقة والمجمدة فى أساليب ووسائل الحكم التى عفا عليها الزمن والتى أثبتت فشلها داخل تونس وخارجها من الدول العربية، ولذلك كان من الطبيعى اختيار شخصية خارج هذه الدوائر السلطوية التقليدية، خاصة بعد رئيس جمهورية من نوعية الرئيس الراحل القايد باجى السبسى.. بسياساته الشابة والمتحررة رغم سنه المتقدمة، ويبدو أنه مهّد الطريق لأستاذ الجامعة إلى منصب الرئيس!

الدرس الأهم فى الانتخابات الرئاسية التونسية أن هزيمة المرشح المنافس أمام « قيس سعيد» هو فى الحقيقة هزيمة للأحزاب وهزيمة للفساد وهزيمة للمتعاملين مع الصهيونية فقد كان المهزوم «نبيل القروى» مرشحاً عن حزب «قلب تونس»، وكان كذلك متهما بغسيل الأموال، وتردد أنه على علاقة، بضابط مخابرات إسرائيلى صاحب شركة اتصال كندية، تعاقد معها للترويج له دعائياً.. وكل ذلك كان كافياً بالإطاحة به وإزاحته من طريق أستاذ الجامعة والذى فاز برئاسة تونس بأكثر من 75% من الأصوات.. والمؤكد أنه كان فوزاً للتوانسة الذين اختاروا بإرادة حرة الرئيس الذى يريدونه، على أمل أن يكون مستقلاً وشريفاً ووطنياً.. والأهم من كل ذلك عادلاً!

[email protected]