رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تكلمنا فيما سبق عن دور النيابة العامة ممثلة للمجتمع، وتكلمنا عن المحامى ودوره فى الدفاع عن المتهم وما يقدمه من أسانيد وطلبات مدعمة بنصوص القانون وصحيح الإجراءات وما بقى لنا إلا أن ننهى هذه المسيرة القانونية فى ظل إعمال الحق والعدل والقانون.

ونؤمم وجهنا شطر دور القاضى الجنائى كالآتى: ينبغى منذ البداية أن يكون متنبهًا لكل ما يقال، إلى كل صغيرة وكبيرة - عن بصر وبصيرة - أن يحيط علمًا بالنص ظاهره وباطنه وما بين السطور، أن يكون قد وقف على كل ظروف المتهم الماثل أمامه - وكل وجوده متعلق بكلمة تصدر منه - كلمة إما فيها الموت وإما الحياة.

وجب إذًا مع معرفة القانون بمواده أن يعرفه بل ويعايشه بروحه ويتعمق فى «جوانياته» كاشفًا - مع التجربة المثمرة - ما يخفيه وما يضمره «يعرف السر وأخفى» و«يعلم ما فى الصدور».

أن يكون محايدًا تمامًا بين أطراف الخصومة، ميزان العدل فى يمينه لا يميل هنا أو هناك، إن العدالة شاملة كل الخصوم وكافتهم سواء بسواء، «وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان».

وماذا إذًا عن الحكم فى مباراة الموت والحياة؟

القضاء قضاء بشرى مهما قيل، والقاضى من البشر يخطئ ويصيب، ولعل العمق الفلسفى لقانون المرافعات والإجراءات «المدنية والجنائية» قد فطن إلى ذلك منذ عهد بعيد، عهد تنظيم القضاء والحفاظ على حقوق الإنسان، وفى الوقت نفسه حفاظًا على حياة المجتمع.. فكان تدرج نظام التقاضى: ابتدائى- استئناف- نقض- إعادة التماس إعادة النظر.

هذا قاضٍ يخطئ وذلك قاض يصحح الأخطاء.. ولكن الخطأ الأعظم إذا كان الحكم بالموت، وتنفيذ هذا الحكم، فلو اجتمعت الإنس والجن على «إعادة» إصلاحه ما وجدت إلى ذلك سبيلًا، فقد انتهى الأمر، وقضى بالموت -باسم القانون- وذهب المحكوم عليه إلى «قبره» وليس هناك من البشر من يبعث من فى القبور، ومن هنا، ولسنا فى مجال إثبات وجهة نظر خاصة منذ الآن ولكن نبادر بالقول: إن «عقوبة الإعدام» أحاطتها التشريعات كافة بضمانات عدة، سواء فى الإجراءات أم فى «التدقيق» فى عملية ما قبل التنفيذ ومع هذا هل انتهى مظنة كل خطأ يمكن أن يثار؟ هل انتهت كل «صور» المتناقضات فى التنفيذ؟ ما جاء من أحكام صدرت من دور القضاء عن أحداث وحوادث مجتمع الموت باسم القانون لنرى أن زوجا اتهم بقتل زوجته بناء على قرائن وشبهات وخصومة مستمرة بين الزوج وزوجته، وحكم عليه بالإعدام ونفذ فيه هذا الحكم بعد كفاح دام سنين عددا وباءت كل مجهوداته بالفشل.

وبعد سنوات عدة ظهر آخر واعترف وهو يعانى سكرات الموت أنه كان على علاقة غير مشروعة بزوجة صديقه الذى نفذ فيه حكم الإعدام واعترف تفصيلًا فى إقرار مكتوب ومسجل وتولاه التحقيق فيما بعد أنه هو القاتل الحقيقى، واستعرض كل الواقعات وكأنها حدثت بالأمس، واستعرض كل صغيرة وكبيرة فى واقعات الجريمة ومحاولته طمس ما يثبت الاشتباه فيه عن طريق «مسح» البصمات ولم تظهر إلا بصمات الزوج... وكان هذا وحده سببًا كافيًا فى أن يلعن الجميع «عقوبة الموت» ويرموها «بحجارة من الغضب المكتوم ضدها فى الصدور».