رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لا احد يجادل فى حق إثيوبيا الأصيل فى استخدام مياه نهر النيل فى توليد الطاقة الكهرومائية، وخدمة خططها التنموية، إذ إن ذلك هو الهدف  الذى أعلنته من  وراء بناء سد النهضة، فمن المعروف أن الاعتماد الرئيسى فى إثيوبيا فى المشاريع الزراعية ،هو على مياه الأمطار الغزيرة لديها.

ولا أحد يعترض على أن بناء إثيوبيا للسد هو من حقوق السيادة، لكنها حقوق تظل مشروطة بالالتزام بالقانون الدولى، الذى يقضى بألا يتعارض هذا الحق مع مصالح أى دولة من دول حوض النيل، او مصالح الدول المتشاطئة على الأنهار بشكل عام، كما هو مشروط كذلك بالبند العاشر  فى اتفاق المبادئ الموقع فى الخرطوم فى 23 مارس 2015 بين الرؤساء المصرى والسودانى والإثيوبى وينص على «جواز طالب الوساطة الدولية لتسوية النزاعات الناشئة بين مصر والسودان وإثيوبيا».

ولكل ما سبق، بدت اللهجة التى عبرت بها وزارة الخارجية الإثيوبية فى بيان لها، يعترض على  تصريحات الرئاسة المصرية ووزارتى الرى  والخارجية  بأن مصر ستعمل على حماية حقوقها فى مياه النهر، وأنها لن تقبل بفرض الأمر الواقع، وان مفاوضات الخرطوم الأخيرة قد وصلت لطريق مسدود، بدت تلك اللهجة عدائية، وتنطوى على تهديدات، تسعى للتصعيد وليس البحث عن حلول، كما لا تضع فى الاعتبار الأسلوب الدبلوماسى للتعبير عن القلق المصرى، فى نفس الوقت الذى أبدت فيه القاهرة تقديرها للاحتياجات والمصالح الإثيوبية.

وفى بيانها قالت الخارجية الإثيوبية إن مصر رفضت خطة ملء خزان سد النهضة طبقا لتوصيات علماء المياه فى مدة تتراوح بين 4 و7 سنوات  ووصفت ذلك بأنه مثال آخر على  ما سمته التكتيك التخريبى الذى تعتمده مصر «من أجل وقف عملية تقييم التأثير البيئي والاجتماعى للسد، وأن الجانب المصرى تمسك  بموقفه فى قبول جميع مقترحاته. وانتقل البيان من الوصف العدائى للموقف المصرى، إلى تهديده، بقوله إن إثيوبيا ستتبع نهجا «لا يؤدى إلى الاعتراف المباشر او غير المباشر، بأى معاهدة سابقة لتخصيص المياه «فى إشارة واضحة لاتفاقية تقاسم المياه بين مصر والسودان فى عام 1959، والتى حلت محل اتفاقية عام 1929 التى كانت تنظم استخدام مياه نهر النيل إبان سيطرة بريطانيا على البلدين. ولقد رفضت الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، القبول بتلك الاتفاقية، بزعم إقرارها فى العهد الاستعمارى، فضلا عن ذهابها إلى القول إن الدعوة المصرية لجلب وسيط دولى «سابقة لأوانها، ولا مبرر لها»!

المشكلة فى الموقف الإثيويبى، كما يعكسها البيان السابق، أن القضية تبدو وكأنها صراع إرادات، دون النظر إلى حقيقة المخاطر التى تتهدد مصر التى تعتمد على 90% من مياه النهر، ومع الزيادة السكانية لم تعد تفى تلك النسبة بتلبية احتاجاتها، بالإضافة لقبول مصر بتحمل جانب من الأضرار المحتملة للسد، بشرط الاتفاق على اجراءات تضمن التحكم بها.

وفى هذه القضية الحيوية الشائكة، ليس أمام إثيوبيا ومصر سوى مواصلة طريق التفاوض. ويمتلك الطرفان علاقة طيبة مع الإدارة الأمريكية، ورفض إثيوبيا للوساطة الدولية، لا يضعف موقفها فحسب، بل يثير الشكوك لدى جيرانها والمجتمع الدولى، فى مدى التزامها بالاتفاقيات التى توقع عليها.

ولتتوقف فى القاهرة وأديس أبابا الدعوات الرسمية والإعلامية الداعية للتصعيد، وقرع طبول الحرب ،فالدولة المصرية ملتزمة كما قال الرئيس السيسى، بالطرق السياسية التى تتفق مع القانون الدولى، وهو طريق متسع تحظى فيه مصر بدعم عالمى كبير ،وربما يكون مفيدا أن تدخل الكنسية الأرثوذكسية المصرية طرفا  للمساعدة فى تلك المفاوضات، لما بين الكنيستين المصرية والإثيوبية من تاريخ ممتد ووشائج عميقة منذ القرن الرابع الميلادى وصولا للوقت الراهن، وحتى بعد انفصال الكنيسة الإثيوبية بطلب منها عن الكنيسة المصرية عام 1959، بعد مفاوضات استمرت نحو أربعين عاما.