رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كلما هل هلال شهر اكتوبر من كل عام تترى إلى الذاكرة سيول من الذكريات، تبدأ من نكسة 1967م وما قبلها، وتتوقف طويلا عند الأيام الخالدة التى بدأت من الساعة الثانية بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973م والأيام التالية، حتى توقف الحرب وبدء محادثات انهائها ثم ما تلا ذلك من أحداث وطنية كبرى عشناها حتى تحررت سيناء كاملة وعودة طابا إلى أحضان الوطن الأم. إنها أحداث عاشها جيلى بكل تفاصيلها المحزنة والمفرحة، المليئة بالانكسارات والانتصارات فى آن معا. لقد عشنا مع جمال عبدالناصر وأبطال ثورة يوليو المجيدة حلم التقدم وتحقيق الوحدة العربية واستعادة أرض فلسطين المحتلة، إذ بنا نفاجأ فى 5 يونيو والأيام الستة المشئومة عام 1967م بهزيمة لم يكن العدو قبل الصديق يتوقعها! وفى الوقت الذى عانينا فيه من مرارة الانكسار والهزيمة وجدنا أنفسنا نهب مطالبين ببقاء الزعيم ورفض الهزيمة والثأر من العدو وتحرير الأرض. وكم كان جيش مصر عظيما حينما بدأ يستعيد قوته شيئا فشيئا بتجديد الدماء والقيادات والتخطيط العلمى للحرب، وكم كان جيشنا وقياداته على قدر المسئولية حينما تحملوا ما لا يحتمله بشر من الانتقادات والسخرية رغم أنهم لم يخوضوا حربا حقيقية ولم يستسلموا يوما للعدو، حيث بدأوا غداة الهزيمة حربا شرسة معه داخل سيناء المحتلة عرفت عسكريا بحرب الاستنزاف التى جعلت العدو والجميع فى العالم يدركون أن الحرب لم تنته بعد، وأن الجولة القادمة آتية لا محالة.

وكم كنا كشباب دخلنا الجامعة فى أول السبعينيات نعبر عن روح مصر ومواطنيها حينما ودعنا الزعيم إلى مثواه الأخير، ندرك أنه قد أعاد بناء الجيش وأهله لمعركة الثأر واسترداد الأرض وكم كنا نردد مقولته الشهيرة «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»! وكم كنا نعبر عن روح مصر حينما خرجنا فى مظاهرات حاشدة من قلب جامعة القاهرة مطالبين الرئيس أنور السادات باتخاذ قرار الحرب وضرورة تحرير الأرض ورفض ما أطلق عليه الرئيس حينئذ «عام الضباب»! وقد كانت مظاهرات الطلاب هى التعبير الواضح عن ارادة الشعب المصرى بأهمية الحرب الثأرية لاسترداد الكرامة والأرض معا! إذ لم يكن أى فرد من أفراد الشعب يفكر فى شىء إلا فى هذا الأمر. لقد تناسى الجميع أى مطالب ووضعوا أنفسهم وأموالهم وكل الامكانيات لتحقيق هذا الهدف. لقد كان المصريون على قلب رجل واحد فداء الوطن وينتظرون اللحظة التى ستبدأ فيها الحرب! 
والحقيقة أن الرئيس السادات ذاته قد تحمل ما لا يتحمله بشر حينما تجرأنا حينذاك وهتفنا ضده شخصيا وكم كان عظيما حينما كتم غيظه وتحمل اهانتنا له ولأسرته فى تلك المظاهرات الحاشدة التى تطورت باعلان اعتصامنا فى قاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة وهكذا فعل الطلاب فى الجامعات الأخرى، بل انضم إلينا عمال المحلة الكبرى وأعلنوا تأييدهم للطلاب. ولم تتوقف تلك المظاهرات بل ازدادت مع الاعتقالات التى جرت حينئذ لبعض القيادات الطلابية والعمالية!
لقد بدأت هذه المظاهرات عام 1971م وظلت مشتعلة طوال العامين التاليين 1972 و1973م ونحن لم نكن نعرف حينئذ أن الرئيس والجيش قد استكملا الاستعداد فعلا لبدء الحرب ولم نكن نعرف أن الكثير مما كان يقوله الرئيس حينئذ بما فيه قبول بعض مبادرات السلام كان مجرد مناورات للتمويه على العدو! ولذلك كانت المفاجأة عظيمة وشامله لنا وللعدو على حد سواء حينما بدأت الحرب فى وقت كنا فيه نصوم يوم العاشر من رمضان وكان الاسرائيليون يحتفلون فيه بأحد أعيادهم.
لقد تحلى جيشنا العظيم وقائده الفذ بشجاعة منقطعة النظير حينما حولوا الهزيمة المذلة إلى نصر عظيم فى ست سنوات وبأقل الامكانيات ورغم كل ما حيك بهم وبالشعب المصرى من مؤامرات من مختلف القوى العظمى حينئذ! 
إن جيل الشباب المصرى الآن قد يعجبون من جيل الأجداد والآباء من شدة حبهم لجيشهم العظيم وثقتهم اللامحدودة فيه لأنهم لم يعيشوا معهم درس هزيمة 1967م ونصر أكتوبر 1973م. لم يعيشوا معهم تجربة مصر العظيمة حينما تتحد جيشا وشعبا - رغم كل الاختلافات فى الرأى ووجهات النظر التى قد تبنى على جهل بما يحيط صانع القرار من تقدير للمخاطر وكيفية تحقيق الأهداف - لتحفظ الوجود وتحافظ على الأرض وتحمى العرض! إن الدرس الأساسى الذى يجب أن يتعلمه جيل الشباب الواعى من جيل الآباء والأجداد هو درس تاريخ مصر وكيف أنه تاريخ التى لاحم بين الشعب والجيش منذ فجر التاريخ، فلا يمكن لمصر أرضا وشعبا أن تكون إلا بجيشها القوى وقادته الأشداء ولا يمكن لجيش مصر أن يوجد إلا وهو يدافع عن شعبه وعن تراب أرضه ذرة ذرة

[email protected]