رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صراع الأخلاق، وأقصد به ببساطة هو ذلك الصراع الذهنى والنفسى العنيف والذى ينتج عن اختلاف معايير الأخلاق بين ما تم تدريسه من قيم أخلاقية فى المدرسة كبيئة تعليمية بالتعاون مع الأسرة كبيئة تربوية أولية من ناحية، وبين الواقع المجتمعى من ناحية أخرى، هذا على أحسن افتراض أن المدرسة والأهل، كليهما، يقومان بدوريهما الموكل لهما على أفضل وجه.

نعم، وأقولها بحسرة وأسف شديد، فلدينا واقع مجتمعى لا يُعظم فى مجمله من أهمية القيم الأخلاقية ولا يُعمم انتشارها ولا يُعزز وجودها فى جميع روافده وقطاعاته ومؤسساته تعزيزًا قويًا صارمًا لا استثناء فيه لأحد ومدعمًا بقوة القانون، فالأخلاق تحتاج إلى قوة تحميها ضد من يعتدون عليها.

أو بقول آخر، كيف نُعلم أطفالنا قيما أخلاقية رفيعة، ثم لا نطبقها فى الواقع؟

كيف نبذل وقتًا وطاقة عظيمة فى زرع الأخلاق فى نفوسهم وعقولهم ثم لا تُعمَّم فى المجتمع ككل؟

وحتى وإن خرج لنا أجيال من الشباب، وقد تعلموا كل القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية السامية بل وأصبحت مكونًا رئيسيًا فى شخصيتهم ومرجعًا أوليًا لكل سلوكياتهم، فهل تضمن لى وبعد أن يصطدموا بالواقع المرير ألا يدخلوا فى دائرة الانحرافات السوداء أو فى حظيرة الفتن النكباء والتى يفرضها التناقض الشديد بين ما تعلموه وما جابهوه فى الواقع؟

فبعد أن بذل الأهالى كل طاقاتهم فى التربية مع المدرسة سواء الذهنية والنفسية والبدنية والمادية مع الأبناء من أجل تأهيلهم علميًا وخلقيًا ليصبحوا أعضاء صالحين فى المجتمع وعدم  انجرارهم وراء الانحرافات، نجد أن المجتمع للأسف يجرهم جرًا إليها لأنه لا يطبق ما تعلموه ولا يعلى من قيمة ما درسوه.

من منا لم يصطدم بمتطلبات واقع لم يدرسه من قبل بل ويتناقض مع ما تعلمه؟ 

من منا لم يهتز يقينه وتزلزلت ثوابته بعد أن دخل بالفعل فى مرحلة الصراع ودخل الشك فى قلبه فى صحة ما تعلمه من قيم أو حتى فى جدواها حينما يجد من لا يطبقها يعلو وينجح فى المجتمع؟

والأمثلة كثيرة وحدث بلا حرج، فما تعلمناه واستنكرناه من صفات سلبية هادمة لأى مجتمع من نفاق وكذب وغش وتدليس وخيانة للأمانة وعدم قول الحقيقة نجد الكبير وأولي الأمر والكبار يفعلونها دون استنكار من أحد إلا القليل؛ نعم ما زالوا قليلا، ممن يتمسكون بما تعلموه مهما وجدوا من أهوال.

 فما تعلمناه مثلا عن خطر الظلم وخطورته الكبرى إن انتشر فى المجتمع وزادت كتيبة المظاليم بلا إنصاف سريع مما ينذر بانهياره، فى الواقع تجد الظلم متفشيًا بلا استنكار أو المطالبة برفعه.

حتى عفة اللسان تعلمنا أنها صفة للصالحين وواجبة لفرض الاحترام بين البشر على الجميع. فتجد البذاءة والسيئ من الأقوال والتفنن فى استخدام السباب والشتائم داء منتشر ويستعرض به أحدهم ويفتخر به الآخر.

أما عن القذف والتشهير ورمى الناس بالباطل والتهم المعلبة، فتعلمنا أنه من أكبر المنكرات، لكن نجد أناسا وبمنتهى البساطة يخوضون فى سمعة الآخرين كذبًا وزورًا ويشهرون بهم دون خوف أو ردع من أحد.

وبراءة الذمة وطهارة اليد ألم نُوصى بهما؟ ألم نُطالب بتوخى الحذر حيال كل أمر فيه ذرة شك قد يعكرهما؟ ثم نصطدم بأناس حامت حولهم الشكوك المفعمة بالأدلة فى فساد مالى مثلا ولم يقدموا للحساب ولم ينالوا ما يستحقون من عقاب.

منظومة القيم المجتمعية لن تنتشر أو تُطبق فعليًا فى المجتمع إلا بفرض قوة القانون على من يخترقها وبسرعة وبدون استثناء وإن لم يحدث ذلك، فستضيع هباءً كل مجهودات التربية والتعليم فى زرع القيم، لأنها ببساطة ستتناقض مع أول اختبار حقيقى على أرض الواقع.

فإن لم يدعم المجتمع منظومة القيم فعلًا لا قولًا، فستنهزم بسرعة وستسقط أمام الفساد والفاسدين.  

[email protected]