رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

 

 

جهد البلاء كثرة العيال مع قلة الشىء.

فى طفولتى،كنت أقرأ هذا الحديث كل يوم،حيث كان يتصدر واجهة المستشفى المتواضع -آنذاك- فى قريتى. لم أكن أعرف المعنى بدقة، لكنى كنت أفهمه إجمالاً.وظللت أفكر فى معنى «جهد البلاء» هذه كثيراً، لكنى فهمت أن البلاء يكمن فى قلة المال مع كثرة العيال. لذلك عندما تزوجت لم أفكر سوى فى إنجاب طفل واحد، لكن تعدد الزوجات جعل الواحد ثلاثة!

لا أظن أحداً من زملائى أو أصدقاء طفولتى تأثر بالجملة التى كانت عنوانا من عناوين مصر الناصرية فى الستينيات،بكل طموحها لحياة أفضل، لمصريين كانوا حفاة لا يملكون الأرض أو المال وإنما يعملون أجَرَاء بقروش زهيدة،لا تكفى طعامًا أو شراباً أو شراء«هِدْمَه» جديدة من قماش الدمور. فلم يحدث أن أياً من زملائى عمل بهذا الحديث الصحيح،بل ربما ساد وسط بعض أكثرهم ثقافة منطق البحث عن «العزوة»، فأنجبوا البنين والبنات، مؤمنين بأن «الولد يأتى ورزقه معاه»!

ولكن أى رزق هذا الذى يأتى الآن مع كل مولود جديد، والدخول ثابته منذ أعوام،والأسعار مجنونةٌ أكثر من جنون «القوطة»، والمرتبات لا تكفى حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر؟!إن أعظم أساتذه الاقتصاد - من إيرهارد معجزة ألمانيا الإقتصادية إلى عبدالرزاق عبدالمجيد (إيرهارد- مصر السادات- المزيف) لا يستطيع أن يدير ميزانية بيت مصرى، يتقاضى ربه ثلاثة آلاف جنيه هى حده الأقصى شهريا!

ومع هذا..ومع تغير الظروف فى مصر، وقلة الشىء بالفعل،وبتعبير شهير لرئيس الدولة نفسه «إحنا فقرا أوى» لا يتوقف المصريون أمام ظروفهم المستحيلة، فيغيرون فكرتهم عن الإنجاب ويتخلون عن منطق العزوه، بل ربما ارتكبوا من الموبقات ما هو أكثر، خصوصاً فى مهور الزواج وقيمة الشبكة ومؤخر الصداق وتجهيزات الزفاف فضلا عن كلفة الأعراس نفسها!

هذا زواج على ورقة طلاق،ومما يؤسف له أن الأمر يتكرر كثيرا بطرق وأساليب مختلفة،حينما يصر أهل العروس أو العريس على تجهيز العروسين بما يفوق طاقتهم،من «باب الفشخرة الكدابة»، فمنهم من يقول بنتى مش أقل من بنت عمتها أو خالتها أو صاحبتها، وربما تشترط أم العريس على شراء غرفة نوم أطفال قبل حتى أن يلمس العروسان بأيديهما أكواب «شربات الفرح»؟

لم تتغير الظروف فقط، ولكن تغير المصريون للأسوأ فى واقع الأمر وأنهكوا أنفسهم بما لا عهد لهم به ولا قبل، ودخلت أمهات غارمات وآباء غارمون السجون لانهم جهزوا أبناءهم «شكك»بما يفوق طاقتهم، وهم لا يدرون أنهم بذلك يكتبون بأنفسهم شيكات سجنهم،وشهادات طلاق أبنائهم فى نفس صفحة الزواج من دون مبالغة!

غرفة نوم أطفال قبل دخول عش الزوجية؟ لماذا؟ ماذا لو كانت الزوجة عاقراً أو أن زوجها عقيماً؟ ثم ماذا لو اختلفا بعد شهرين أو ثلاثة من الزواج كما يحدث هذه الأيام، حيث يقع الطلاق بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف الدقيقة.. المؤسف أنه رغم هذه النسبة الفادحة لم يتغير المجتمع ولا الفكر فى مصر، بل يحدث ما هو أسوأ، ذلك أن أحداً لم يعد يحاول تغيير هذا الفكر البائد المسيطر على العقول وتلك جريمة كبرى!