عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

عرفت البشرية أبشع صور العذاب والتعذيب فى مسألة العقوبة وأسلوب تنفيذها، الأمر الذى يمكن أن نقول معه إن وجه العقوبة كان ملطخاً بالدم، وإن عار الإنسانية ارتبط - قديما- بالصورة اللاأخلاقية للعقوبة وتنفيذها.

كانت العقوبة بمثابة انتقام «لا رحمة» فيه يوقع على المذنب.

وفى ظل ذلك كله كانت العقوبة العظمى وطريقة تنفيذها الترجمة التاريخية لقسوة العقوبة وغلظتها بصفة عامة.

كان الموت كعقوبة هو الأصل فى شتى الجرائم وان قلت، وكم قص علينا تاريخ الفكر العقابى أنه من جل «حفنة أموال» وسرقتها يؤدى إلى الموت، وأن الضرر أياً كان نوعه يؤدى إلى الموت، وكانت العقوبة مرتبطة بالسلطة، فإن رب الأسرة كان له حق الحياة والموت على كافة الخاضعين لسلطته، واستمرت العقوبة فى العالم القديم صورة من صور الانتقام فى أبشع صوره.

ثم كان التحول التاريخى من قمة القسوة والانتقام إلى إعمال حكم العقل والتروى ووضع الإنسان فى مختبر إنساني، وكان ذلك بفضل الفكر الإنسانى فى شتى فروع العلوم الإنسانية، الاجتماعية والسياسية ومن قبلها التعاليم الدينية، وقد ظهرت نخبة من الفلاسفة والكتاب الإنسانيين حولوا دفة العقوبة من قهر الإنسان إلى تهذيب له وإصلاحه.

وما أصاب العقوبة- بصفة عامة- من تطور أصاب العقوبة العظمى بنفس الحماس ان لم يكن أكبر وأعظم.

وقال قائل منهم، ملخصاً هذه المسيرة التاريخية:

«إن التطور الذى حدث بالنسبة لكافة النظم القانونية، والذى تحققت معه فكرة العدالة، قد مشى بنفس الحماس والإقدام الذى مشيت به كافة العلوم الإنسانية، على درج تطورها»، (ألبير كامي: آراء حول عقوبة الإعدام).

وكان التحول قد أعلن عن أهدافه من التحول والاهتمام بأمر «الجريمة» إلى «المجرم».

وأصبحت اليد التى قيل عنها قديماً:

«اننى أشاهد يدي، انها حمراء تماما، انها مصبوغة بالدم، دم الإنسانية كلها».

إلى يد:

«حانية، فيها الدواء والشفاء لكل المذنبين».

وحلت الرحمة والعدل محل القسوة والغلظة وسوء المصير، وفى مقدمة أفكار التطور النظرة الجديدة للجاني: ونواصل رحلتنا مع التطور الذى أصاب العقوبة فى ضوء أعمال مبدأ الرحمة والعدل.