عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما يحدث الآن ومن سنوات عديدة من الحروب التى تحصد أرواح الملايين وتعصف بأمنهم، هو الكنز لأباطرة السلاح الذين يحكمون العالم. فعندما تقرر الإدارة الأمريكية المشاركة فى الحرب فى سوريا على سبيل المثال، يصبح الأمر بمثابة الهدية لشركات السلاح التى يتم منحها عقوداً سخية لإنتاج كل شىء تقريباً، بداية من وجبات الجنود وانتهاءً بالصواريخ والذخيرة.

والتصور الواقعى للأمور هو أن صناعة السلاح شبكة «ماتريكس»، وهى حقيقية فى غاية التعقيد، يعمل بها وينتفع منها عشرات الملايين من الأشخاص على مدار السنوات الماضية، ولقد تدفقت تريليونات الدولارات إلى شركات السلاح فى غضون السنوات القريبة الماضية، ولا أدل على ذلك سوى دراسة أعدتها جامعة «ستانفورد» فى عام 2003 توصلت فيها إلى أن صناعة السلاح الأمريكية ستتكبد خسارة سنوية قدرها 5.5 مليار دولار إذا قررت دول منطقتى الشرق الأوسط وجنوب آسيا التوقف تماماً عن شراء الأسلحة الأمريكية، بينما سيزيد ذلك الرقم إلى 13 مليار دولار إذا جمدت جميع دول العالم مشترياتها من السلاح الأمريكى.

ويعرف العالم تجارة الأسلحة من خلال أمرين الأول أن السلاح خلق ليستعمل؛ فكلما زادت الحروب زاد الربح وراجت الصناعة، وكلما قلت الحروب والصراعات كان ذلك فى غاية الضرر بالصناعات الدفاعية وصناعة السلاح عمومًا؛ لذلك فإن العالم لابد وأن يحتوى على بؤر معينة مشتعلة باستمرار، ولا تنطفئ أو تهدأ أبدًا، لضمان استمرار الأرباح المليارية؛ والأمر الثانى هو تجربة السلاح، فهناك أسلحة تصنع ولا بد من تجربتها فى مكان ما؛ لضمان فاعليتها ولضمان استمرار مشروع تصنيعه، وبالتالى تسويقه على نطاق واسع. فعندما أرادت الولايات المتحدة تجربة قنبلتيها الذريتين بنوعيهما ألقت واحدة على هيروشيما وأخرى على ناجازاكى، وكانت الإبادة جماعية تسببت فى وفاة مباشرة لربع مليون يابانى لتجربة السلاح لا أكثر، لأن الحرب العالمية حينها كانت انتهت إكلينيكيًا بانتصار الحلفاء! واللاعب الرئيسى العالمى فى تلك التجارة هو المجمع الصناعى العسكرى الأمريكى؛ مصدر الشرور الأساسى فى العالم، وفوهة الجحيم التى تنتج أغلب حروب الكوكب. وثمة علاقة وطيدة بين الكونجرس (مجلس التشريع الأمريكى) والبنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) وشركات الأسلحة، ولقد حذر الرئيس الأمريكى أيزنهاور الشعب من المجمع الصناعى العسكرى الأمريكى الذى يمثل أكبر خطر على الولايات المتحدة، وللأسف إن الرابطة تلك تضم سياسيين مرتشين فسدة وسماسرة عسكريين جشعين ومسئولين حكوميين يفتقدون للكفاءة.

والمؤسف انه تنفق قرابة الـ 20 مليون دولار فى الساعة الواحدة عسكريًا على الحروب الخارجية بما يقارب الخمسة عشر مليار دولار شهريًا، هذا الرقم لا يشمل أى تكاليف تشغيل ودعم لوجستى لأى من القواعد العسكرية خارج الولايات المتحدة التى تنتشر فى دول العالم ويزيد عددها عن الألف قاعدة.

ولقد نجح المجمع من خلال لوبيات ضغطه في توصيل الاستثمار الأمريكى للحرب والذى يعتبر من أكثر الاستثمارات ربحية فى العالم إلى 177 دولة؛ تتمركز فيها قوات أمريكية بواقع أكثر من 70% من دول العالم، وبعض فواتير شركات الأسلحة بها فساد وصل لنسبة 51.00% وفى بعض التعاقدات الأخرى وصل لـ21.000% وهى نسبة مرعبة. لا يقتصر الأمر على مجمع الولايات المتحدة؛ فروسيا لا تبخل بصناعاتها العسكرية فى تأجيج الصراع فى منطقة الشرق الأوسط بصفته أحد أهم أماكن ربحية تجارة الحروب، والصين التى ساهمت صناعتها العسكرية فى تمزيق السودان مع إسرائيل التى لا تبخل بأسلحتها أيضًا، فالاثنتان هما الموردتان الرئيسيتان بعد الولايات المتحدة لأفريقيا، وأسلحة إسرائيل هى العامل الرئيسى فى مجازر رواندا الشهيرة الدموية، وبصماتها على حروب أفريقيا الأهلية فى كل مكان! والمجمع الصناعى العسكرى يتمكن بسهولة من حشد الدعم اللازم من الجمهوريين والديمقراطيين لرفع حجم الإنفاق العسكرى على حساب البرامج الاجتماعية الأساسية مثل الرعاية الصحية.

ومع مرور الزمن أصبحت العلاقة الوثيقة بين شركات السلاح والحكومات أشبه بالباب الدوار؛ فدائماً يوجد هناك مكان فى مجالس إدارة شركات السلاح للسياسيين المتعاونين بعد مغادرتهم لمناصبهم. هذا ما حدث مع وزير وزير الدفاع البريطانى السابق «جيف هون» الذى منح عقداً بقيمة 1.7 مليار إسترلينى لشركة تصنيع المروحيات «أجستاوستلاند» والتى قامت بتعيينه لديها بمجرد مغادرته لمنصبه. والسؤال المنطقى الحاسم الآن: كم ستبلغ خسارة هذه الشركات الأمريكية والعالمية إذا توقفت دول المنطقة والعالم أجمع عن شراء ما تنتجه من أدوات الدمار والخراب؟