عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

بعد أن أتممت بحمد الله عامى الستين، أقر وأعترف بأننى حاولت خلال عملى بالكتابة بقدر المتاح الكتابة على السطر، أفرد جسد بعض الأحرف، أرتكز وأرتفع وأهبط حسب رسم الحرف، وباءت أغلب محاولاتى بالفشل.

فقد كنت فى معظم الأيام أستبعد الورق الفلوسكاب المسطر وأستعين بورق أبيض غير مسطر، والمضحك إلى حد السخرية أننى كنت أتمرد على السطر من الورق المسطر وأصنع لنفسى سطرًا فى الورق الأبيض وأكتب عليه.

بعد فترة انتبهت إلى أننى مازلت أكتب على السطر فى الورق المسطر أو على السطر الوهمى الذى أرسمه أنا على الورق الأبيض، بررت لنفسى بأن ما أكتبه على السطر الوهمى ليس هو ما أكتبه على السطر المطبوع، فى المطبوع أنت مطالب بالكتابة التى تتناسب والسطر، فى السطر الوهمى يمكن أن تتلون وتتحور وتفرد جسد الكلمات بحرية على السطر.

فى حصة الخط كانوا يعلموننا أن السطر هو نقطة الارتكاز، جزء من بعض الأحرف يرتفع فوق السطر، مثل: الطاء، والظاء، والألف، واللام، والباء، والتاء.. وجزء منها ينزل عن السطر، مثل الراء، والزاي، وبعض الحروف عندما تأتى فى نهاية الكلمة يصبح جزء منها فوق السطر وآخر أسفل السطر، مثل: العين، والغين، والقاف، والواو..، كانوا يأمروننا أن نجعل السطر رمانة الميزان، وحسب رسم الحرف نرتفع أو نهبط عن السطر.

 أبله هدى«مدرستى حتى الصف الثالث الابتدائى» كانت تقول لنا: حروف الباء، والتاء، والثاء من الحروف التى تفرد جسدها على السطر ونبرتها ترتفع فوقه، بعضنا كان يبدأ من النبرة، وبعضنا كان يسحب جسد الأحرف على السطر.

عندما كانت أبله هدى تعيد كراسات الخط بعد تصحيحها أكتشف أننى حصلت على درجة متوسطة مع أننى من التلاميذ الذين كانوا يحسنون الخط، سألت الأبله، قالت لى: لأنك لا تكتب على السطر، أنت تصنع لنفسك سطرًا وهميًا وتكتب عليه، والخطر الوهمى إما نازل يشرب من البحر أو طالع فوق السطح.

فى الكلية حاولت أن ألتزم بالكتابة على السطر، وبعد عدة محاولات اتضح لى صعوبة قراءة الكلمات المكتوبة على سطر، حبر السطر وسمكه أظهر وأسمك من حبر القلم الجاف، أيامها قررت أن أستبعد الورق الفلوسكاب، أحباره وسمكه يطبعان على ما نكتبه، أفكارنا وكتابتنا تضيع على السطر، اشتريت الورق الأبيض، نفس أبعاد الفلوسكاب، الطول والعرض والسمك، لكنه يختلف عنه كثيرًا، أهم ما يميزه عن الفلوسكاب أنه مساحة بيضاء عليك أن تصنع سطرك وتكتب عليه، وأخطر ما تكتشفه مع الأيام انك صرت فى مواجهة مع الكلمات التى تكتبها، فلم تعد منشغلًا بإظهار ما تكتبه على السطر لكى تتمكن من قراءته، بل أصبحت منشغلًا بما تكتب: ماذا أكتب؟، ولماذا أكتب؟ وهل صغت ما أكتبه فى أسلوب رشيق ورصين وجميل وبسيط؟

عندما اشتغلت بالكتابة اكتشفت أن السطر لم يعد خطًا مستقيمًا وسميكًا، حبره أظهر عما تكتبه، بل إن السطر يمكن أن يميل ويحيد، يصعد ويهبط ويتلون حسب الظرف والمناخ والحريات والثقافة والبيئة والجغرافية والتاريخ والنظام والحاجة، واتضح أيضًا أننًا فى أوقات كثيرة مطالبون بأن نكتب على السطر كما خطط له، وليس كما طبع كخط مستقيم فى ورقة فلوسكاب.

Alaaalaa321gotmail.com