رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لله والوطن

أن يغيب عن «أهل الدين».. أو «المؤسسات الدينية».. أن المجتمع يعاني مشكلة حقيقية بسبب استغلال الدين وتحريف مفاهيمه وخطابه.. وتطويعهما سياسيا من أجل تحقيق أغراض فئة خبيثة من المضللين والمرتزقة والتجار والخونة والعملاء.. وأن الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي والميديا بشكل عام وتوظيفها من أجل إلحاق الأذى بالناس هو ضلال  وسلوك مؤثم دينيا.. ويبين ذلك قوله تعالى في قرآنه الحكيم: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا».. فهذه مصيبة كبرى.

وأن تتحول فكرة تجديد الخطاب الديني الى شعار فارغ المضمون يتشدق به فئة قليلة من «أهل الدين» في المجالس والمؤتمرات والاحتفاليات دون وجود آليات حقيقية لهذا التجديد.. بينما تظل مناهج العلوم الدينية بالجامعات والمدارس وكذلك خطابات بعض الأئمة على منابر المساجد.. على نفس حالها.. إذ تشكل مفارخ وحاضنات للفكر المتطرف والإرهابي المنحرف.. فتلك مصيبة أعظم.

 

< القضية="">

أن الخطاب الديني الذي ندعو إلى تجديده في إطار الحرب ضد الإرهاب .. لا ينفصل عن تجديد الفكر الديني نفسه.. ولذلك لم يتغير أو يتجدد الخطاب الديني حتى الآن رغم كل ما يبذل من جهود لذلك.. لأن أحدا لم يجرؤ على الاقتراب من منطقة تجديد الفكر.. الذي أصابه التشوه والغلو والعطب على أيدي سماسرة السياسة وتجار الدين وأنصاف الجهلاء من «أصحاب العمامات المستأجرة» في فضائيات الفتنة والتطرف .. لكن لا أحد يريد التصريح بذلك خشية أن يفتح هؤلاء «نار جهنم» أمامه ويرمونه بالكفر والزندقة والتآمر على الدين .. ومحاولة تغيير ثوابته!.

 

<>

الأزهر الشريف وإمامه الأكبر يدفعان ثمن هذا الخلط في المفاهيم .. ويتعرضان بسببه لحملات إعلامية شرسة من بعض «طبالين الزفة» في قنوات إعلام البيزنس .. الذين يظنون أنهم بذلك يضبطون قنواتهم على «حيز تردد الدولة».. فنراهم يوجهون سهام الاتهامات للأزهر ذاته بالتطرف والأخونة والاختراق والفشل.. ويختزلون ذلك لغرض خبيث في نفوسهم في الدعوة الى رحيل ـ أو ترحيل ـ الشيخ الجليل .. ذلك الذي لا ننسى كلماته البليغة ورسالته المدوية التي أطلقها خلال مؤتمر السلام العالمي الذي عُقد العام الماضي.. حول ضرورة  تنقِية صُورة الأديان مِمَّا عَلِقَ بها من فهومٍ مغلوطةٍ، وتطبيقاتٍ مغشوشةٍ وتديُّنٍ كاذبٍ يُؤجِّجُ الصِّراعَ ويبث الكراهية ويبعث على العُنف.. وألَّا نُحاكِم الأديان بجرائمِ قِلَّةٍ عابثةٍ من المؤمنين بهذا الدِّين أو ذاك.

 

<>

أن هناك ارتباطا منطقيا ووثيقا بين الخطاب والفكر الدينيين .. إذ إنه لا خطاب إلا إذا كان ينطوي على فكر .. وإن لم يكن هذا الخطاب نابعا من ذهن متفتح مستنير لأضحى خطابا أجوف خاليا من المعنى والمضمون .. كما أن تجديد الخطاب الديني لا ينبغي إلا أن يقوم على إعمال العقل الذي بدونه لا يكون هناك تجديد .. وإذا ظل الفكر منغلقا، فإن ذلك لا يعني إلا المزيد من الجمود .. بل والشطط والعوار في الخطاب.

نتذكر مقولة موجعة أطلقتها أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية تعليقا مجزرة مسجد الروضة في شمال سيناء.. إذ وصمت جميع المسلمين بالعار.. وهي تقول: «إن عدد سكان الهند والصين يتجاوز المليارين و500 مليون نسمة.. لديهم 150 ربًا و800 عقيدة مختلفة.. ويعيشون مع بعضهم البعض بسلام.. بينما المسلمون لديهم رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد.. وشوارع مدنهم مصبوغة بالدماء.. القاتل يصرخ (الله أكبر) والمقتول يصرخ (الله أكبر) أيضا»!!

كم هو مؤلم هذا الكلام؟!.. هكذا يروننا.. ويرون أن الإرهاب له دين واحد.. هو الإسلام.. من السبب في ذلك؟.. إنه نحن.. المسلمون.. هذا هو ما فعلناه بأنفسنا.. وبديننا.. بل ما فعله بنا هؤلاء السفهاء الذين ينحرون الرقاب تحت رايات التوحيد!!.

•• وللأسف

سيظل هذا حالنا.. طالما بقيت رؤوسنا مدفونة في الرمال.. وطالما بقينا مشغولين بشعارات فارغة جوفاء عن محاربة الإرهاب بالتوعية والتثقيف والتعليم وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل للشباب وتقويم وتأديب الإعلام.. وطالما بقى الحديث عن إصلاح الخطاب الديني مجرد «حبر على ورق» لا نجني منه الا المزيد من التشتت والانقسام في قضايا جدلية عقيمة.

لا شك أن التصدي الحقيقي للإرهاب يكون بالسلاح وبكل «القوة الغاشمة».. لكن هذه القوة  قد لا تكفي لتحقيق الحسم والانتصار.. ما لم ندرك جميعا.. أننا ضحايا مخططات سياسية تآمرية استعمارية.. تسعى إلى تدميرنا وإغراقنا في طوفان الفوضى والخراب والتقسيم والتفتيت.. تحت رايات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. تلك التي لا تقل خطورة وتضليلا عن رايات الإرهاب السوداء.. ولا بد أن نشارك جميعا في مواجهتها.. بالوعي والضمير.