حادثة مخيفة تدق ناقوس الخطر الشديد للجيل القادم، حيث تم استدعاء ولى أمر طفل صغير لا يتجاوز عمره أربع سنوات، للحضور إلى المدرسة الدولية لمناقشة سلوك الطفل بعد اسبوع واحد من بداية الدراسة، وبما أن الطفل مازال فى مرحلة ما يسمى قبل الدراسة الفعلية أو الحضانة المتقدمة فإن رعب ولى الأمر جعله يسارع بالذهاب وهو فى حالة ترقب أن يكون الطفل قد تجاوز فعلاً أو قولاً مع أقرانه أو أن صدر منه سلوك مشين وإذا بالمدرسة الأجنبية تحذر الأم من أن الطفل يردد فى الفصل حكايات ترعب وتخيف الاطفال عن كلب مسعور يعض ويمص الدماء وقنابل تدمر الفصل وتجعل الصغار يتطايرون فى السماء الحمراء... وهنا اكتشفت الأم أن هناك لعبة على جهاز إلكتروني صغير تفتح مجاناً ويتم استخدامها ولعبها بدون الحاجة إلى إنترنت وتلك اللعبة هي بذاتها ما يصفه ويحكيه ويرويه ذلك الطفل الصغير بكل براءة لأصحابه فيصيبهم الرعب والخوف من هول ما يحكى.
هذا هو حال الإعلام فى بلادنا الآن، لأن السادة المتحررين الثوريين وحتى السادة المسئولين الأمنيين يظنون أن كل قضية الإعلام هى الفيديوهات والتسريبات السياسية أو الأمنية أو تلك الأفلام الخارجة جنسياً والقضية الأخطر والأكثر فزعاً هى أن الإعلام الجديد أصبح متاحاً حتى بلا حاجة إلى إنترنت كامل مدفوع الأجر وإن كان فإن ذلك يشير إلى أن هناك تجارة جديدة تهدد الأمن والسلم الاجتماعي لهذا الوطن.. فكم «السيبر كافيه» أو المقاهى التى تفتح فى العشوائيات والمناطق الشعبية دون تصريح ودون أى رقابة من قِبَل الأحياء ومن قِبل الجهات الأمنية وهى تعرض تلك الألعاب العنيفة الإجرامية بل وهناك حكايات حقيقية عن استخدام الكاميرا للتحدث مع جهات وأشخاص أجنبية غير مصرية تبدأ بالتعارف والصداقة مع صغار وشباب فى عمر المراهقة يعانون من الجهل والفقر وقلة التعليم وانعدام الثقافة فإذا بهم يتعارفون على أشخاص يبدأون فى تجنيدهم أياً كانت الوسيلة والهدف والغاية وبالطبع تختلف سبل التجنيد ما بين تدمير للوطن عن طريق الإرهاب أو التطرف أو الإدمان أو حتى البلطجة والإجرام والإسفاف وإثارة الفوضى.
الإعلام يحتاج إلى وقفة حاسمة لا تتعلق بما يكتب على شبكات التواصل الاجتماعى من تعبير مخالف للرأى أو معارض لسياسة معينة وأيضاً لا تتعلق بالإشاعات والبلبلة والمعلومات غير الموثقة التى تطرح وتعرض عن طريق الفيديوهات المسجلة، لأن القضية تجاوزت السياسة والدين إلى تدمير جيل كامل قادم لا تلتفت ولا نهتم بتواجده الفعلى لأن علينا جميعاً الإصرار على تنفيذ ما يسمى بالرقابة الأبوية على مواقع الإنترنت المفتوحة بلا أى حساب او مراقبة وكثير من الدول المحيطة لديها تلك الرقابة الأبوية على ما يطرح للصغار مثل الإمارات والسعودية وعلينا أيضاً الاهتمام بكم المقاهى التى تفتح سراً وتستخدم الإنترنت، فهو قاتل لوطن بأكمله مثله مثل المخدرات، وكذلك على الدولة أن تعيد النظر فى مفهوم الإعلام الحالى الذى انحصر دوره فى السياسة والطبخ والستات وكلامهن، فالأطفال بحاجة إلى إنتاج إعلامى ضخم من برامج ومسلسلات وأفلام ترفيهية وألعاب مثمرة وبناءة وأيضاً أفلام تنويرية وتثقيفية.. الاستثمار الحقيقي اليوم يبدأ بالطفل فى مدرسة آدمية يستطيع أن يجد له كرسياً ومنضدة يضع عليها أدواته الدراسية ومكاناً يلعب فيه وغرفة للموسيقي والألعاب بدلاً من أن أقدم التابلت ليستخدمه فيما يدمره ولا يبنيه ويطوره. الإعلام الجديد يجب أن يدرس فى الجامعات والكليات المتخصصة بصورة تناسب العصر وأن تقتنع الدولة والسلطة التنفيذية أن الإعلام ليس أخباراً وصوراً ولقاءات.. احذروا الخطر القادم... الاعلام الجديد قد يبني أمة وقد يدمر وطنا.