رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لوجه الله

أنظر دوما للتاريخ باعتباره آلة سحرية لتفسير ألغاز الحاضر.. وفك شفرات المستقبل.. فكل ما نراه اليوم فى عالمنا إن لم تجد جذوره ومبرراته فى الماضى.. ستجد ما يشابهه.. ليمنحك فرصة نادرة لقراءة المستقبل.. ولا عجب إن رأيت البعض يكرر أخطاء الماضى بكل حروفها ويتوقع نتيجة مخالفة.. فتلك طبيعة بعض البشر.. لكن أن تأتى عبر التاريخ والحكم على وقائعه من خلال الشخصية التاريخية نفسها.. وبخط يدها.. فتلك حالة فى غاية الندرة.. وهذا ما كشف عنه الكاتب الكبير عبدالله السناوى فى كتابه «أخيل جريحاً».. والذى نقل لنا من خلاله بعض الوثائق المهمة عن الرئيس جمال عبدالناصر.. من خلال أوراق الأستاذ محمد حسنين هيكل.

والرئيس جمال عبدالناصر.. واحد من أهم شخصيات التاريخ الحديث.. وأكثرها إثارة للجدل.. اندلعت حوله الكثير من الخلافات فى حياته.. واستمرت لنصف قرن بعد رحيله.

فما ورد من أوراق هيكل فى الكتاب يحمل الكثير من العجب.. ما دعانى لإعادة قراءته وتحسس رأسى أكثر من مرة.. لأتأكد أن هذه الكلمات وردت عن الرئيس جمال عبدالناصر نفسه.. إذ يقول «الحزب الواحد فى هذه الظروف وهذا العصر أصبح لعبة خطرة».. «إن الحزب الواحد بغير معارضة أثبت أن عيوبه أكثر من أى شىء آخر».. فمثل هذه الكلمات اعتدنا قراءتها وسماعها كثيرا من الليبراليين، وعشاق الديمقراطية الغربية.. أما أن تأتى من صاحب الاشتراكية والتجربة الشمولية فى مصر، فهذا أمر يختلف كثيرا.. ويقول أيضاً «إن النظام على النحو القائم الآن يترك مصير البلد لرجل واحد وهذه مخاطرة بالمستقبل».. «هذا الوضع يمكن أن يدفع بالجماهير إلى السلبية وبالتالى تترك أهم القرارات للبيروقراطيين أو التكنوقراط».. «لا بد أن تتسع عملية إعادة التنظيم لقوى معارضة تكون لها صحفها لكى تستطيع أن تعرض أفكارها على الناس ولكى تكون رقيباً على تصرفات الدولة».. فإن صدق النقل عن الزعيم بعد تجربته العريضة فى الحكم.. فهذا لا يعنى إلا أنه من داخله لم يكن راضياً عن الطريق الذى مضت فيه التجربة.. وحملت اسمه.. «الناصرية».. فهل كان عبدالناصر فى قرارة نفسه ضد الناصرية؟!.. وإذا صح النقل أيضا.. فلماذا لم يسع لتنفيذ أفكاره؟.. لماذا لم يسع لحماية تجربته ووطنه؟!.. وهل يكفى ما ذكره المؤلف عنه من مخاوف، لتبرير عدم إقدامه على تلك الخطوة.. إذ يقول «كيف يمكن أن تكون هناك معارضة لا تعود بالبلد إلى الوراء وتعيد عهود الخضوع للاستعمار وسيطرة رأس المال على الحكم»!.. هذا ما قاله عبدالناصر.. فهل تكفى شهادة صاحب التجربة التاريخية رغم كل نتائجها لحسم الجدل حولها.. أم أنها ستكون وقوداً لمرحلة جديدة من الجدل..!

[email protected]