رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رادار

يحمل حقيبته المدرسية على كتفه متوجهًا صوب مدرسته كل صباح.. ربما لا تكون منتهى حلمه واختياره المُفضّل فى ليالى الشتاء البارد، لكنها سبيله إلى تحقيق أحلامه عندما يأتى ربيع الحياة!

أحلامه التى تسكن قلبه تفوق أحيانًا توقعات المحيطين به، بل تتخطى مساحة الكلمات فى أوراق مدرسية متناثرة بحقيبته الثقيلة على قلبه، حتى أن تساؤلاته وتطلعاته البريئة تجيب- دون أن يقصد- عن ألغاز كبار المحبطين من مسارات الحياة فى المدارس!

 هكذا يمضى أطفالنا!.. حائرون بين أحلامهم التى لم ولن يمر طيفها فى خيالنا، لأنها تفوق توقعاتنا، بل تدهشنا أحيانًا وتقلقنا فى أحيان أخرى، وبين توقعاتنا المرئية فى تعليمه على طريقتنا، والتى لم تعد تعنيهم أو تعينهم على عيش حياة أفضل!

النجاح الذى نقصده فى رحلة أطفالنا مع التعليم، يشبه- ببساطة- نجاح خط إنتاج منتجات الكاتشب والعصائر المعلبة فى منطقة صناعية هنا أو هناك فى بيع آلاف أو ملايين العبوات من منتج واحد تم تسويقه وتوزيعه على المستهلكين، والذين قد لا يفضلون الكاتشب أو يشعرون بالإعياء من تناول شراب العصير المعلب!

هذا بالضبط ما يفعله نموذج «المصنع فى التعليم» Factory Model of Education، والذى ينتقل معه الطلبة لسنة جديدة فى سبتمبر من كل عام، والذى يفتقر بحسب خبراء ومتخصصين دوليين إلى مساعدة الطلبة على التعلم فى بيئة مثالية.

انظروا إلى الطلبة كيف يقضون الوقت فى ملل بفعل التقدم البطيء داخل الفصل الدراسي، أو فى إحباط أحيانًا لعدم قدرتهم على مواكبة ما يشرحه المعلم، أو لضعف ثقتهم فى أنفسهم، أو لغياب الدوافع، أو لعدم وجود وقت لدى المعلم لمساعدتهم؟!

إنها منظومة مدرسية تنظر إلى الطلبة على أنهم متشابهون فى القدرات مع بعضهم البعض، وأن عليهم استقبال نفس المعلومات والمعارف ذاتها.. منظومةٌ لا تمنح للطلبة مساحات للتفاعل مع معلميهم ومدارسهم والتعبير عن أنفسهم، إلا فى صورة إجابات صحيحة أو خاطئة عن الأسئلة التى يصممها ويتطلع إليها واضعو الامتحانات.

منظومةٌ لا تركز على تلبية الاحتياجات الفردية لكل طالب، حتى أصبح المعلمون فى المدارس والمحاضرون فى الجامعات مضطرون لتخصيص وقتهم من أجل تقديم «تعليم فردى للجميع»، وأصبح الطلبة فى الفصل أو قاعات المحاضرات مضطرون لتقديم الإجابة الصحيحة أكثر من طرحهم لإجاباتهم وأفكارهم.

الخلاصة: سألنى أحد الطلبة ذات صباح متعجبًا: كيف تطلبون من «سمكة» ومن «قرد» ومن «أسد» الصعود إلى نفس الشجرة فى نفس الوقت؟!.. لم أتمكن من الإجابة عن سؤاله حينها، فنموذج «المصنع فى التعليم» قد أثقل عقول الطلبة باكتساب المعرفة دون فهم أنفسهم.. نحتاج بالفعل إلى نموذج جديد من التعليم يتعلم من خلاله الأطفال من يكونون، ويكتشفون معه المعنى الحقيقى لحياتهم، وأنهم مختلفون فى القدرات والمهارات و لا يشبهون بعضهم البعض!

 

نبدأ من الأول

[email protected]