عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

** علي مؤسسة الرئاسة ألا تنزعج من اتساع رقعة المعارضة.. بل تنزعج من التطبيل والتهليل والمنافقين وحملة المباخر**

في مناخ الأزمة تزدهر بضاعة التشكيك والتخوين وتبادل الاتهامات.. ولا شك أننا نتنفس ومنذ عام مناخ الأزمة!!

من ينتقد سياسات الرئيس السيسي هو خائن وعميل.. من ينتقد سياسات الحكومة، هو تابع للإخوان.. من يطالب بالإفراج عن شباب الثورة المحكوم عليهم بتهمة التظاهر بدون تصريح، هو مارق يدعو إلي الفوضي.. من يطالب بالحرية والديمقراطية، هو عدو لنظام الحكم يجب قطع رقبته وتعليقه في ميدان عام.. لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. وبما أننا في معركة حقيقية ضد الإرهاب الإخواني.. وضد جماعة فاشية.. فيجب أن تكمم كل الأفواه.. وتخرس كل الألسنة.

هذا هو مناخ الأزمة التي نعيشها الآن.. تشكيك وتخوين وتبادل الاتهامات.. أنت معارض نظام الحكم إذن أنت منبوذ ومكروه وطابور خامس!!

وهنا لا أتحدث عن المعارضين من «الإخوان الإرهابية» أو الاشتراكيين الثوريين الذين يسعون إلي تفكيك الدولة وهدمها وخرابها وزوالها إلي غير رجعة.. هؤلاء معروفة أغراضهم وتوجهاتهم ومخططاتهم وألاعيبهم ومؤامراتهم.. أنا لا أعني هؤلاء ولا أولئك.. إنما أتحدث عن المعارضة الوطنية.. المعارضة التي تريد إصلاحاً حقيقياً.. المعارضة التي تطالب بحرية حقيقية.. وديمقراطية حقيقية.. وعدالة اجتماعية حقيقية لينعم الشعب المصري بالرخاء.. هذه المعارضة الوطنية تواجه ـ الآن ـ حرباً شرسة من غالبية الإعلاميين في الفضائيات ومن الكتاب الصحفيين الذين يجهلون أهمية دور المعارضة في تصحيح مسار نظام الحكم.. المعارضة القوية لا تضعف النظام الحاكم.. بل تقويه.. والمستفيد هو الشعب.. ومن ثم فإنه يجب علي المحيطين بالرئيس أو معاونيه ألا ينزعجوا من اتساع رقعة المعارضة ضد سياساته.. فليس بالضرورة أن كل من ينتقد أو يهاجم نظام الحكم في مصر، أنه ضد الرئيس السيسي.. لكن علي مؤسسة الرئاسة أن تنزعج من التطبيل والتهليل والنفاق وحملة المباخر.. ان هؤلاء يضرون بمصر وبشعب مصر وبالرئيس نفسه.. المعارضة القوية تخلق نظاماً حاكماً قوياً.. والعكس صحيح.

ثم.. لماذا ينزعج هؤلاء من المطالبة بالحرية والديمقراطية؟!..

الديمقراطية ليست للوجاهة أو لمجرد توفير الحقوق السياسية والمدنية للمواطن.. بل لأنها منافسة مستمرة بين السلطة والمعارضة.. وفي النهاية المستفيد هو الشعب.

الديمقراطية هي الصراع بين الحكومة والمعارضة.. صراع يكشف الفساد.. ويكشف المحسوبية.. ويكشف الانحرافات.. ويكشف القوانين الباغية والفاسدة.. ويحمي حقوق المواطن.. فلا عسف.. ولا اعتقال.. ولا محاكم استثنائية.. ولا مزايا لأصحاب الحظوة.. ولا تزييف للانتخابات.

الحكومة في الدول الديمقراطية تعرف أن عيون المعارضة تفتش وتنقب وتبذل الجهد لكشف كل التصرفات الخاطئة التي ترتكبها الحكومة.. والحكومة تعرف أن مصيرها في يد الشعب وأنها مهددة كل يوم إذا غضب الشعب.. فالانتخابات هي السبيل الوحيد لتولي السلطة.. والانتخابات في الدول الديمقراطية لا تعرف التزوير ولا الانحياز ولا بلطجة البلطجية..

الديمقراطية هي الدنيا المفتوحة أمام المواطن لكل الفرص.. قد يولد فقيراً ثم يصبح من أثري الأثرياء بجهده.. قد يصل الإنسان إلي رئاسة الدولة أو الحكومة أو رئيس شركة ضخمة أو بنك.

دنيا مفتوحة.. فلا اعتقال ولا محاكم استثنائية ولا قانون طوارئ ولا أحكام عرفية ولا مصادرة أموال أو ثروات.. الإنسان آمن علي حريته وعلي ثروته، ومن يرتكب جرماً ويتم القبض عليه يحاكم ولا يعتبر مجرماً إلا بعد أن تنتهي درجات المحاكمة.. في الديمقراطيات ليس هناك شخص فوق القانون.

والحرية.. تساوي بين الناس وتعترف بحق كل إنسان في الاختيار وفي إبداء الرأي وفي الدفاع عن مذهبه السياسي أو النقابي.. الحرية توفر الأمان لدي الإنسان.. وهي التي تحمي الحقوق من عسف السلطة وظلمها وطغيانها.

ثم نسأل مرة أخري.. هل صحيح أن الشعب المصري يكره الديمقراطية؟

لقد تردد في الشهور الأخيرة أن الشعب المصري لا يريد الحرية ولا يريد أن تجري الانتخابات البرلمانية ولا يريد الديمقراطية.. والغريب أن هذه المزاعم يرددها بعض السياسيين والإعلاميين.. هؤلاء يذكروننا بفوز الجناح الديكتاتوري علي الصوت الديمقراطي في مجلس قيادة الثورة إبان الأزمة المعروفة بأزمة مارس 1954.. وهي الأزمة التي بلغت ذروتها بإلغاء قرارات مجلس الثورة بعودة الأحزاب السياسية.. وتحريك مظاهرات عمالية مأجورة تهتف بسقوط الديمقراطية.. وتبين من مذكرت خالد محيي الدين زعيم حزب التجمع وأحد أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو، أن هذه المظاهرات قامت مقابل أموال دفعها جمال عبدالناصر إلي قادة نقابة عمال النقل المشترك!!

ولكن.. هل معني قيام مظاهرة مدفوعة الثمن أن الشعب المصري كان يؤيد الديكتاتورية ويرفض الديمقراطية؟!.. وأن الشعب كان كارهاً للأحزاب السياسية والنظام الديمقراطي، محباً للأغلال والقيود، وأنه يفضل حكم الفرد المستبد علي الحكم المعبر عن إرادة الأمة؟!!!

إن هؤلاء مطالبون بإعادة رصد انتفاضات المصريين علي امتداد التاريخ الفرعوني والبطلمي والروماني وضد الولاة العرب والترك والشركس الذين تعسفوا وأرهقوا المصريين في جباية الضرائب.

ولماذا نذهب بعيداً ولاتزال أصداء ثورتي 25 يناير و30 يونيه تتردد في أجواء مصر.. وهما ثورتان الأولي أطاحت برئيس ديكتاتوري فاسد.. والثانية أطاحت برئيس ديكتاتوري فاشي.

ان الحرية والديمقراطية هما صمام أمان شعب مصر.. وليس هناك أعظم من العدالة.. ففي العدالة يتساوي الناس، وتختفي المظاهر والبدع الرخيصة.