عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

 لا نتصور أن تمر لقاءات وزير الخارجية سامح شكرى أمس الأول فى الخرطوم مع قيادات دولة السودان الشقيقة.. دون التطرق إلى قضية «مملكة الجبل الأصفر» المزعومة التى تشغل الملايين من المصريين.. والسودانيين أيضا.. منذ يوم الخميس الماضي.. وخاصة فى ظل الصمت الرسمى من جانب العاصمتين الشقيقتين.. حتى الآن.. تجاه ما أذاعته تلك المحامية الأمريكية اللبنانية عن تأسيس هذه المملكة بين مصر والسودان.

•• ربما

آثرت القاهرة والخرطوم عدم الإعلان رسميا عن موقفيهما من هذه المسألة.. أو عن تناولها فى مباحثات رسمية.. وذلك من باب الرغبة فى إجهاض هدف المحامية ومَن قد يكون خلفها من أجهزة أو قوى أو دول معادية.. تساندها بالدعم والتمويل والترويج الإعلامى والسياسى لهذه الدعوة الخبيثة.. وهذا الموقف من الدولتين نتفهمه جيدا.. لكن نرجو أن تكونا قد توصلتا أو على الأقل ناقشتا تصورا متكاملا لتقدير الموقف بشكل صحيح والتخطيط للتعامل معه بالجدية اللازمة.

فما نراه الآن هو أن أصحاب حملة المملكة المزعومة قد نجحوا بالفعل فى تحقيق جزء كبير من هدفهم.. وهو خلق حالة جدل إعلامى عالمي.. وتسليط الضوء بشكل كبير على ذلك الحجر الذى ألقوا به وسط بحيرة العلاقات المصرية السودانية التى قد تبدو ساكنة فى الظاهر.. وإن كانت ربما ترقد فى قاعها زلازل وبراكين قابلة للانفجار فى أى وقت.. وهذا الانفجار هو هدف الأكبر.

•• وكما توقعنا

فقد جاءت ردود الفعل تجاه هذه القضية.. التى كان لنا السبق فى إثارتها من خلال مقال سابق.. متباينة ومختلفة.. بين من يكتفى بمقابلتها بالسخرية.. ومن يحذر من إهمالها وينصح بالتعامل معها بجدية.. ومن يحاول طمأنة المنزعجين والمتفاجئين منها بالتأكيد على أنها «قضية قديمة» سبق من جانب بعض الموتورين أو العابثين المتاجرة بها عن طريق إعلان قيام دول وهمية على هذه الأرض «المتروكة» خارج سيادة مصر والسودان نتيجة لنزاع حدودى تاريخى بينهما.

هذا الكلام نعلمه جيدا.. وأوضحنا فى مقالنا السابق أن هذه المنطقة ما هى الا انعكاس لإشكالية خلاف ترسيم الحدود بين البلدين الذى نشأ عنه تنازعهما حول تبعية مثلث حلايب لكل منهما.. إذ تؤكد كل منهما سيادتها على هذا المثلث.. بينما على النقيض من ذلك لا تعترف مصر أو السودان بسيادتهما على أرض المثلث الآخر المعروف باسم «بئر طويل» أو «بارتازوجا».. الذى تبلغ مساحته نحو 2060 كيلو مترا مربعا.. والذى تزعم المحامية المدسوسة إقامة مملكتها فوق أرضه باعتبارها أرضا مباحة لا تخضع لسيادة أى دولة.. وهو نفس ما استند له من قبل رجل أمريكى وآخر هندى عندما أعلن كل منهما إقامة «دولة ديكيست» أو «مملكة شمال السودان» فوق هذه الأرض.. لكننا نرى الأمر مختلفا هذه المرة.. لوجود دول تقف من خلفه بشكل غير معلن حتى الآن.

•• تاريخيا

منطقة «بارتازوجا».. هى من وجهة النظر المصرية أرض سودانية بحسب ترسيم الحدود السياسية الذى تعترف مصر به.. والمرسوم عام 1899.. وهى الحدود المتماسة مع خط عرض 22 ْ.. ويترتب عليها وقوع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية.. ومثلث بارتازوجا داخل حدود السودان.. لكن دولة السودان فى فترة حكم الرئيس المخلوع عمر البشير «إخوانى الهوية قطرى الهوى» كانت تناكف مصر بادعاء سيادتها على حلايب وفقا لاتفاقية حدود إدارية موقعة عام 1902 تجعل حلايب داخل السودان وبارتازوجا داخل مصر.. بينما تؤكد مصر أن هذه الاتفاقية لم تكن الا اتفاقية تقسيم إدارى لا تترتب عليها حقوق سيادة.. بمعنى أن بارتازوجا كانت موضوعة تحت الإدارة المصرية فى ذلك الوقت.. لأن مجموعات من قبيلة العبابدة المصرية كانت تقيم بها.. فى حين كانت حلايب أيضا تحت الإدارة السودانية وفقا للاتفاقية لأن بعض سكانها ينتمون إلى قبائل تمتد عرقيا إلى السودان.

•• بالوثائق وبالقانون وبالتاريخ

فإن ما تقول به مصر هو الصحيح.. وعلى الأشقاء فى السودان الذين استفاقوا بعد ثورتهم من حكم وتوازنات وحسابات البشير مع أسياده فى الدوحة وأنقرة.. أن يعوا ذلك ويصححوا ما أفسد الإخوانى المخلوع.. إذا أرادوا حقا فتح صفحة جديدة من العلاقات الطبيعية التى تليق بتاريخ الدولتين والشعبين الشقيقين.. وأيضا إذا كانت لديهم رغبة حقيقية فى إفشال هذا المخطط الجديد.. مخطط مملكة الجبل الأصفر الذى لا نستبعد أبدا أنه يدار من عواصم الولايات المتحدة وإسرائيل.. ودول عربية أخرى للأسف.