عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لا يكل ولا يمل، يُشمر ساعديه، يقف متحفزاً، متحمساً، يغوص ويقرأ ويُحلل وينقد ويكتب كشاب فى العشرين لديه عزيمة وإرادة وإخلاص ورؤية وقدرة على مقاومة الإفك ورد الأكاذيب.

ذلك هو وسيم السيسى الطبيب المصرى الذى سحرته الحضارة المصرية القديمة فأوغل فيها بعمق وتعلم ودرس وحلل وفنّد وقارن واستخلص نظريات ورؤى جادة تستحق كل تقدير وثناء.

وأنا شخصيا كُنت أتصور أن مصر ألهت حكامها، وكان ذلك بمثابة مُسلمة تاريخية لديّ، حتى ردنى وسيم السيسى وأقنعنى أن «الفرعون الإله» فرية من صناعة بعض المؤرخين الأجانب الذين يحملون توجهات عدائية تجاه حضارة مصر.

وقال لى السيسى: كيف يؤمن المصريون أن الفرعون إله ثُم يحاكمون ابنه فى محكمة تضم 15 قاضياً فى عهد مرنبتاح؟ هل هناك من يُحاكم ابن إلهه؟ إن أيًا من الملوك المصريين لم يحمل اسم فرعون، وخراطيش 561 ملكًا تؤكد ذلك. ومن يطالع شكاوى الفلاح الفصيح يوقن أن حرية الرأى كانت تصل بالمصريين إلى آفاق تقدمية للغاية فى ذلك الزمان، فهو ينتقد الأوضاع ثم يتهم المسئول بالتجاهل والبعد عن الناس، ثم يحذره من حساب الآخرة.

كذلك فمن المفتريات أن نكرر أن إخناتون هو أول من نادى بالتوحيد، لأن المصرى القديم عرف التوحيد منذ عصور الأسر الأولى، والدليل على ذلك متون الأهرامات (قبل إخناتون بمئات السنين)، والتى نقرأ فيها «واو واو» بمعنى إله أحد، و«نن سنو» أى ليس له ثان. وكذلك نقوش المعابد التى تكرر الدعاء بالقول «يا أيها الإله الواحد، الفرد الصمد».

وقال لى وسيم السيسى: إن المصريين القدماء لم يكونوا عباد أوثان، بل إنهم عرفوا الصلاة والصوم والزكاة وهناك كثير من الكلمات العربية فى القرآن الكريم مستوحاة من ألفاظ  ترجع إلى اللغة المصرية القديمة، فكلمة «ماعون» الواردة فى القرآن الكريم هى كلمة مصرية قديمة بمعنى زكاة. كذلك، فإن كلمة «صا ووم» تعنى الامتناع عن الطعام والشراب، وتكشف البرديات أن المصريين عرفوا الصوم كإحدى العبادات، وهو ما يؤكده القرآن بقوله إن الصيام كُتب على الأمم السابقة.

وكان من الغريب أن تُظهر بعض النقوش على المعابد المصرية القديمة صفوفًا من الناس وهى تسجد واضعة أذقانها وليس جباهها فى الأرض، وهو يفسر النص القرآنى فى سورة الإسراء «يخرون للأذقان سجدا» لأن السجود المعروف فى الصلاة هو سجود بالجبهة، لكن سجود المصريين القدامى كان بالأذقان.

بل الأكثر من ذلك هو أن نجد أن كلمة «حج» هى من كلمات اللغة المصرية القديمة وتعنى النور، وكلمة «أز» تعنى التوجه نحو شىء ما، وهنا فإن كلمة «حجاز» هى كلمة مصرية بمعنى التوجه نحو النور.

أما قصة عروس النيل التى يتم إلقاؤها فى النهر كقربان فهى مفبركة تماما، وأصلها أن مؤرخًا يونانيًا اسمه بلوتارخ ذكر أن الملك ايجبتوس قام بإلقاء ابنته فى النيل ليهدئ فيضانه، وفى الحقيقة لا يوجد ملك مصرى باسم «ايجبتوس» لكن الحكاية استهوتنا فكررناها فى سذاجة حتى صارت مُسلمة من المسلمات.

وكتب لنا وسيم السيسى عشرات الكتب ليدحض بها تلك المفتريات مثل «هذه هى مصر»، «مصر علمت العالم»، «مصر التى لا تعرفونها»، و«المسكوت عنه فى التاريخ»، لكن للأسف الشديد مَن يقرأ؟ ومَن يتعلم؟

الله أعلم.

[email protected]