عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

النظام هو السلاح الحقيقى للانتصار على الفشل, والقانون هو السبيل الوحيد للقضاء على العشوائية, والإخلاص العامل الرئيسى فى النجاح, بدون هذه الأذرع الثلاث لن تستطيع تحقيق أى تقدم, ولن تشعر بالانتقال من مرحلة إلى أخرى تتخلص فيها من سلبيات الأولى.

والمحليات من صميم عملها تنظيم العلاقات بين الناس, وردع المخالفين  والاحتكام إليها فى أى نزاع أو خلاف, فإذا تخلت أو تقاعست تشابكت العلاقات, واستمر المخالفون, وذهب الناس إلى الحلول الفردية التى تهدم فكرة المجتمع من أساسها.

ومن زمن ليس بالقصير تحدث المتحدثون- وفى القلب منهم المسئولون- عن فساد المحليات هذه الإدارة المهمة، بل لا نبالغ إذا قلنا إنها عصب الدولة لأنها متوغلة فى جميع شعبها, وقيس هذا الفساد وقتها بوصوله إلى «الركب» وتندر الناس بهذه الجملة ورددوها فى كل مناسبة تطل علينا منها رأس المحليات, وانتهى الأمر عند هذا الحد, وعشنا أجيالاً طويلة نعرف الداء ولا نتعاطى الدواء, فكان من الطبيعى استشراء المرض, بل وتحوره إلى سلالات جديدة تقاوم أى تفكير فى العلاج, وتحولت الحوادث- رغم بشاعتها وتكرار بعضها حرفيًا- إلى أمور عادية تشغل وسائل الإعلام ساعات محدودة, تجتر ما قالته من سنوات ثم تنحو منحى المنظمات الدولية بإصدار بيانات شجب وإدانة وتحذير بأشد العبارات وينتهى الأمر.

ومكمن الخطورة ليس فقط فى استمرار الفساد وثباته واكتسابه الشرعية, بل فى تحطم العلاقة بين الناس والمسئولين عن هذه الإدارة, وانسحاب ذلك على باقى الإدارات حتى ولو حققت نجاحًا باهرًا لا ينكره إلا جاحد أو حاقد, فهذا النجاح سيذهب أدراج الرياح وتبقى مرارة فشل المحليات فى إعادة أبسط حقوق المواطنين فى العيش بسلام وهدوء, اللذين اختفيا من حياتهم بسبب تقاعس وإهمال وفشل من ناحية, وتوحش واجتراء وبلطجة من ناحية أخرى.

وبنظرة واقعية لمحافظة الجيزة كمثال فقط, نرى شوارعها وقد امتلأت بـ«التكاتك» والباعة الجائلين وامتداد المحلات وتوابع المقاهى، ولم يعد هناك مكان للمواطن, نرى ذلك جليًا فى منطقة «الطوابق» التى يطلق عليها الصين الشعبية, وهذه المنطقة تتبع إداريًا حى الهرم, الذى يعج بعشرات الشكاوى الرسمية, والاستغاثات, من إقامة مقاهٍ داخل الحيز السكنى وإزعاج السكان وتلوث البيئة وخدش الحياء, وصدور أصوات بأغانٍ هابطة ومسفة وجارحة من التكاتك والمحلات فضلاً عن المقاهى, والغريب أن كل ما يفعله الحى هو تسجيل شكوى برقم وإعطائه للشاكى ويطلب منه المتابعة, وهو بذلك قد غسل يديه من الجريمة- على حد زعمه- فإذا أراد المواطن المتابعة رد عليه الموظف المختص «لقد قدمت شكوى برقم كذا فى يوم كذا وجارى اتخاذ اللازم», فإذا رأينا يومًا حركة غير عادية فى الشارع, وظهر لنا الرصيف فجأة واختفت كل مظاهر الفوضى وعاد الهدوء والالتزام فنعلم أن السيد المحافظ سيزور المنطقة زيارة مفاجئة!

إلى المسئولين فى الجيزة, وكل جيزة على أرض المحروسة, متى يقوم كل منا بعمله, ولماذا لا نتابع من بدأناه, وهل سنبقى دائمًا جاهزين بالرد الورقى على المشاكل بالجمل المملة المحفوظة والتى يكذبها الواقع الأليم مخرجاً لنا لسانه صباح مساء, سخرية من أناس عرفوا الداء ولم يتناولوا الدواء.

[email protected]