عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

الرحمة قبل العدل.. قاعدة دينية وانسانية وقانونية انطلق منها المستشار سامح عبدالحكم رئيس محكمة الاستئناف قبل 17 عاما ليضع البذرة الأولى لمشروع قانون العقوبات البديلة.. المستشار الجليل وخلال اعداده لرسالة الماجستير عام 2002 انتهى من بحث أكاديمى فى غاية الأهمية عن بدائل الحبس قصير المدة.. الدافع الحقيقى والانسانى والشخصى ثم القانونى وراء حالة الاجتهاد البحثى للمستشار سامح عبدالحكم كان مرتبطا ببداية تفاقم مشكلة الغارمين والغارمات وزيادة عدد المحبوسين منهم.. لقضية الغارمين بعدان فى غاية الخطورة تناولهما بحث المستشار سامح عبد الحكم.. بعد اجتماعى يقول إن الأسر التى تفقد العائل سواء الأم أو الأب بسبب سجنه تصبح عرضة للانهيار والتفسخ، ما ينعكس على سلامة المجتمع ككل.. البعد الاقتصادى الخطير فى الأمر والذى كشف عنه بحث المستشار الجليل أن كل سجين – غارم أو غارمة – يكلف سجنه الدولة 4000 جنيه شهريا، وقد أفصحت الدراسة أن 25% من السجناء فى مصر هم من الغارمين والغارمات.. وتفيد دراسة رئيس محكمة الاستئناف أنه بالتعاون بين صندوق تحيا مصر وجمعية مصر الخير تم الافراج عن 73 الف غارم وغارمة كان حبسهم يكلف الدولة 300 مليون جنيه شهريا – أى بمعدل 3.6 مليار جنيه سنويا.

انطلاقا من هذه الحقائق واتساقا مع الرؤية العالمية للحد من كل ما من شأنه حرمان الانسان من حريته واحتراما للمعايير الدولية التى تعبر عنها الأمم المتحدة بما يعرف بـ«قواعد طوكيو» لبدائل السجن والتدابير الاحتجازية – قدم المستشار الجليل مشروع قانون العقوبات البديلة بالنسبة للحبس قصير المدة والجرائم التى لا تفصح عن خطورة اجرامية وهو ما يعرف حتى اللحظة بـ«مشروع قانون الغاء حبس الغارمين والغارمات«.

كلنا يعلم أن الكثير من الأمهات والآباء صدرت أحكام بحبسهم بسبب العجز عن سداد أقساط قد لا يتجاوز القسط الواحد منها 200 جنيه.. المشكلة كشفت عن أوجاعا اجتماعية كبيرة بسبب سجن الغارم أو الغارمة وهما فى المعتاد والغالب الأم أو الأب.. وكما كشفت المشكلة عن توحش وتبلد مشاعر فئة من التجار، فلها وجه ايجابى رائع فى تحمل البعض للمسئولية الاجتماعية وتحرير آلاف المسجونين من الغارمين والغارمات.. من هؤلاء جمعية مصر الخير التى تجسد وجها مشرفا للعمل الخيرى الأهلى، وصندوق تحيا مصر الذى يشير إلى استمرار تحمل الدولة لمسئولياتها تجاه المجتمع.. مشروع قانون الغاء عقوبة سجن الغارمين والغارمات الذى قدمه المستشار سامح عبدالحكم رئيس محكمة الاستئناف هو طوق نجاة لآلاف من البسطاء الذين دفعوا حريتهم ثمنا لجهاز شابة تحلم بالزواج – هذا المشروع الذى عرض فى جلسة استماع على اللجنة التشريعية بالمجلس القومى للمرأة – انتهت مؤخرًا لجنة التشريع بوزارة العدل من الاطلاع عليه ومناقشة مواده التى تحدد نوعية الجرائم التى لا يسرى عليها قانون العقوبات البديلة، كما استقرت لجنة وزارة العدل على تحديد عقوبة العمل للمنفعة العامة كعقوبة بديلة وحيدة واعتبار باقى العقوبات تدابير عقابية يمكن للمحكمة الالتجاء اليها، كذلك انتهت اللجنة إلى انشاء صندوق لدعم الغارمين والغارمات والمحكوم عليهم بعقوبات بديلة للمساهمة فى انشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة لدعم وتشغيل الخاضعين لهذا القانون.. مشروع المستشار سامح عبدالحكم رئيس محكمة الاستئناف لإلغاء سجن الغارمين والغارمين يؤكد قاعدة أن الرحمة قبل العدل وفوقه، وأن سلامة المجتمع تتقدم أحيانا على أعمال القانون خاصة فى القضايا غير المهددة لشخصية الدولة وهيبتها.. اقرار قانون الغاء حبس الغارمين والغارمات من قبل البرلمان سيكون اضافة مهمة وربما تاريخية لسجل العدالة فى مصر ولسجل رجال القانون الذين استقرت داخلهم مشاعر الرحمة بمثل ما استقرت هيبة القانون ووجوب احترامه.. كل التحية لرجل سينسب له يوما فى سجلات تاريخ القضاء المصرى أنه قد فكر وبحث وصاغ قانون أقل ما يوصف به أنه قانون كاشف عن ضرورة وحتمية انسانية العدالة.