سطور
(قامت الحركة التعاونية منذ مولدها على حزمة من القيم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التى تميزها عن غيرها من النظم الاقتصادية الأخرى، بكونها نظاماً تطوعياً غير قسرى يشكله أعضاؤه بثقافة العمل الجماعى والممارسة الديموقراطية وبتوافق مع القيم الدينية والتراث الثقافى والحضارى للمجتمعات الحاضنة له).
بتلك السطور التي اقتبستها من مقدمة كتاب (التعاونيات العصرية) لدكتور حسن راتب كنت قد ختمت مقالى السابق، واليوم أستكمل معكم رحلتنا في الفكر التعاونى بشكل عام وفى هذا الكتاب الذى يعد محاولة هامة لتحريك المياه الراكدة في هذا الشأن بشكل خاص.
ولعلى سعدت كثيرا بصدور كتاب (التعاونيات العصرية)، وأيضا بالاهتمام الكبير الذى يوليه دكتور حسن راتب لملف التعاونيات، هذا الملف الهام الذى تم تهميشه بكل أسف طوال الفترات والسنوات السابقة سواء عن عمد لما ذكرته من أسباب في المقال الأول، أو عن جهل بأهميته ومدى تأثيره الايجابى في النهوض بالاقتصاديات.
ولأن اهتمامى الاساسى دائما ما يتمحور حول قضية الثقافة وتأثيرها على المجتمعات في العموم، لذا فقد كان أكثر ما لفت نظرى وأثار اهتمامى في الكتاب ربما ما يمكن أن نطلق عليه ( ثقافة التعاون ) حيث لمسته وانا أقرأ في الفصل الخاص بالاعلام وأيضا الفصل الآخر الخاص بالتعليم وتحديدا فيما يتعلق بدورهما في نشر الاهتمام بالاقتصاد التعاونى، وهو ما يحسب لدكتور حسن راتب، وأحسبه ألقى بشعاع نور من خلالهما ولو بشكل غير مباشر على الأسباب التي أدت الى تراجع دور التعاونيات سواء في مصر او في الوطن العربى، حيث أوضح بما معناه أنه لكى يكون هناك عمل تعاونى جاد وحقيقى لابد أن يتم الاهتمام منذ البداية بأن تكون هناك كوادر وكفاءات تعاونية تستطيع ادارته بصورة جيدة، لكى نجنى ثمار هذا الفكر.
والمتتبع لتاريخ الحركة التعاونية المصرية يعلم جيدا أنها من اقدم الحركات التعاونية في العالم، حيث تم تأسيسها عام 1908م (أي منذ أكثر من 100 عام) وذلك على يد عمر لطفى أو رائد التعاون كما نطلق عليه، حيث يأتي (الاتحاد العام للتعاونيات) على رأس البنية التعاونية المصرية، ويضم خمسة اتحادات تعاونية نوعية مركزية وهى (الانتاجى، الاستهلاكى، الاسكانى، الزراعى، السمكى)، اتسع فيما بعد خلال سنوات او مراحل التطور ليشمل 12 الف منظمة تعاونية على مختلف المستويات، ضمت في عضويتها ما يقرب من 18 الف عضو، أيضا هناك 3 معاهد عليا لتخريج تعاونيين مؤهلين وهما المعهد العالى للدراسات التعاونية والإدارية، والمعهد العالى للتعاون الزراعى بالقاهرة، بالإضافة الى االمعهد العالى للتعاون والإرشاد الزراعى بأسيوط. كما تشمل المنظومة التعاونية الان كذلك جمعيتين علميتين وهما : الجمعية المصرية للدراسات التعاونية، والجمعية العلمية للتعاونيين المصريين.
ولحديثنا بقية.