عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

 

 

لا تكره خلق الله. لا تُنكر الآخرين. لوناً وديناً وشكلاً. أنت لا تعرف من أنت يقيناً. لا تعرف من أين جئت، وما هى أصولك، وما هى عقائد جدودك لتشتبك مع أصحاب العقائد الأخرى.

التعصب مرذول، لكنه غيمة تغطى سماواتنا، فننظر بتشكك لكل أجنبي، ونمتلئ غيظاً تجاه كل مخالف، ونتصور أن الأغيار هم أعداء بالضرورة.

إن كنت أسمر فربما تنظر للأبيض باعتباره شيطانا، وإن كُنت مُسلما أو مسيحيا فربما تسخر من الهندوس والبوذيين، وإن كُنت من شمال البلاد، فربما تنظر لمن يعيشون فى جنوبها نظرة استعلاء.

لى صديق جميل اسمه المهندس علاء الوكيل، كان يرى أن موجات الكراهية المبثوثة هى وقود جماعات الإرهاب لاجتذاب كوادرها من الشباب. وكان يشعر بمحبة للآخرين ويرفض دعوات خطباء المساجد كل جمعة على اليهود والمشركين باعتبارهم أعداء الله، ولا يجد لديه ذلك التنمر المغروس فى نفوس الناس تجاه الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم من الأجناس. وقرر الرجل نكش تاريخ جدوده والتعرف عليهم من خلال تحليل جينات وراثية لتتبع الأصول، وهو ما تفعله شركات طبية ومؤسسات علمية عديدة بالخارج عن طريق إرسال طرد صغير لها يتضمن بصقة طالب التحليل.

وكانت المفاجأة التى قابلت الرجل أن 56% من أصوله كانت من منطقة القوقاز، وهو ما فسره له بعض أفراد العائلة بأن إحدى جداته كانت شركسية وربما قدمت من القوقاز، ووجد 26% من أصوله من سوريا ولبنان، و11% من قارة أوروبا منها 4% من يهود بولندا، وهو ما يعنى أن أحد جدوده تزوج من يهوديات بولندا فى زمن ما. أما المفاجأة الكبرى فتمثلت فى أن نسبة أصوله من شمال أفريقيا لم تتعدَ 4% فقط.

وقال لى الصديق إن نتائج التحليل الجينى تُنهى جبال الكراهية بين الشعوب والتى يتم توريثها من أجيال إلى أجيال تالية استنادا لعداءات قديمة.

ويكرر العلم الحديث الحقيقة الدامغة ليقول لنا إن الانتماءات متغيرة والحدود متغيرة والناس تتبدل بلادهم وأقوامهم على مر التاريخ. ونشرت مؤسسة «ناشيونال جيوجرافيك» مؤخراً أن بعض الشعوب العربية لا تنتمى فى أصولها إلى جغرافيا العالم العربى. وكان من أبرز النتائج أن 17% فقط من المصريين من أصول عربية وأن 68% منهم من أصول أفريقية و3% من جنوب أوروبا. كما أن العرب يشكلون نحو 44% فقط من أصول اللبنانيين بينما يشكلون نحو 84% من أصول الكويتيين. وهكذا فإن الجذور تتشابك.

وربما كان الصوفى الجميل محيى الدين بن عربى سباقاً فى ذلك عندما تبنى الفكرة الأجمل وهى محبة الجميع. وكتب الرجل شعراً صافياً عذباً فى ذلك، غير عابئ بتكفير المتشددين وتأويل المتنطعين قال فيه:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي

إذا لم يكن دينى إلى دينه داني

لقد صارَ قلـبى قابلاً كلَ صُـورةٍ

فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ

وبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ

وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن

أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ

ركـائـبهُ، فالحبُّ ديـنى وإيـمَاني.

والله أعلم.

 

 

[email protected]