رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

غريب أمر هذا الأردوغان عندما يسعى جاهدا لاقامة ما يطلق عليه منطقة آمنة في شمال سوريا وكأن سوريا باتت ملكا له، وبالتالي فكأنه يملك الحق في تحديد معالمها وتقرير مصيرها منتهكا بذلك سيادتها. ولهذا كان من الطبيعى أن تسارع الخارجية السورية لتؤكد بأن ما يحدث من الجانب التركى هو اعتداء فاضح على سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، بل ويمثل اتنهاكا سافرا للقانون الدولى. وشدد بيان الخارجية السورية على أن الشعب السورى وجيشه الباسل الذى فدى بالدم الطاهر زهرة شبابه دفاعا عن سوريا ضد جماعات الإرهاب التكفيرية وداعميها هو اليوم أكثر تصميمًا واصرارًا على بذل الغالى والنفيس للحفاظ على وحدة وسلامة ترابه الوطنى.

جاء هذا بعد تهديدات أردوغان بشن هجوم عسكرى على مناطق شمال شرق سوريا ــ التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية ذات الغالبية الكردية ــ لاقامة منطقة آمنة تحت الحماية التركية بعمق يتراوح بين ثلاثين وأربعين كيلومترا بدعوى تأمين الأمن القومى التركى وعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. غير أن أمريكا اعترضت على ما تعتزمه تركيا وهدد وزير دفاعها« مارك اسبر» بالتصدى لهذا الهجوم. الأمر الذى دفع تركيا إلى التراجع عن اتخاذ خطوة أحادية الجانب، ومن ثم عمدت إلى التفاوض مع أمريكا بهدف التوصل إلى اتفاق بدا غامضا وجاء كمحاولة لإنقاذ ماء وجه أردوغان. ولا شك أن البيان الذى صدر عن الخارجية السورية يكاد يجزم بعزم الجيش السورى على التدخل العسكرى لمنع مشروع إقامة منطقة آمنة لا سيما وأن هذه المنطقة تضم احتياطيات نفطية وغازية سورية وتعد من أكثر الأراضى خصوبة في سوريا، بل وتعد المخزون الاستراتيجي للقمح والمواد الغذائية الأخرى.

تركيا بتهديداتها وتحركاتها تمثل وضعا احتلاليا لأراض سورية، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولى ولا يمكن لدولة ذات سيادة القبول بمنطق كهذا. كما أن تركيا تريد تحقيق أمنها القومى على حساب أراضى الآخرين، وهو منطق معتور لا يمكن القبول به. ومن ثم من الطبيعى والمنطقى أن يتم مجابهته عسكريا من قبل الجيش العربى السورى الذى استعاد عافيته بعد الانتصارات التي حققها وأمكنه من خلالها استعادة أكثر من ثمانين في المائة من الأراضى السورية. أما ما يغيب عن تركيا اليوم فهو أن ما تسعى إلي تحقيقه بدعوى الحفاظ على أمنها القومى هو الذى سيشكل أكبر تهديد لها حيث إن أمنها القومى كان في أفضل حالاته عندما كانت علاقاتها جيدة مع سوريا والعراق. إلا أن خروج أردوغان اليوم عن الاتفاقات الموقعة وجنوحه نحو خطط احتلالية سيجسد تصعيدا خطيرا من شأنه أن يهدد بالفعل أمن تركيا القومى.

لقد ثبت الآن أن قرار المنطقة الآمنة هو قرار نابع من تخبط سياسى أمريكى تركى، فهو ليس قرارا متوازنا. هذا بالإضافة إلى أنه عندما يتقدم الجيش السورى سيتأكد عندئذ للجميع بأن كل محاولات الاغتصاب للجغرافيا السورية ستبوء بالفشل سواء من قبل تركيا أو أمريكا. ولا شك أن تركيا حاليا في مأزق ميدانى، وكلما تقدم الجيش السورى نحو الحدود السورية التركية كلما تبددت أحلام أردوغان وتقلصت فرص نجاح كل المخططات الأمريكية.