رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قبل أن يجف المداد الذى كُتِبت به شهادات الثانوية العامة، وبعضها يزف أملاً للطلاب وبعضها ينزف ألما حسب مجموع كل منهم بدأت الاستعدادات للعام الدراسى الجديد والذى يدق جرسه ويقرع أبواب بيوت أولياء الأمور خلال أسابيع قليلة ليقف الجميع ثابتين رافعين أيديهم لفوق مستسلمين لتفتيش الجيوب وبدء رحلة البحث عن تدبير مصاريف العام الدراسى.

قلت مصاريف العام ولم أقل مصروفًا، لأن الأسرة فى حالة دفع مستمرة من أول يوم فى الدراسة حتى كتابة شهادات النجاح أو شهادات الرسوب.

مساكين أولياء الأمور هم الهدف الذى يصوب إليهم الجميع طلقاته لاستنزاف ميزانية الأسرة إذا كانت هناك ميزانية واضحة يستطيع رب الأسرة السيطرة عليها، وإخضاعها لظروف السوق، أول بند يحصل على حق الفيتو عندما يعود الأب بالمرتب آخر الشهر هو مصاريف الدراسة، وكما قلت هذه المصاريف تبدأ من توفير الكتب والكراسات، والأقلام، والملابس، والسندوتشات، ومصروف الدروس الخصوصية، ومصروف الدراسة الذى تحصله المدرسة، المدارس أنواع، وأولياء الأمور طبقات، ولكل طبقة مدارسها، مدارس دولية وخاصة تبالغ فى المصاريف، ومدارس حكومية تبالغ فى تطفيش التلاميذ ويضطرون للجوء إلى أوكار الدروس الخصوصية.

فى الحالتين الأب سيدفع كل ما يملك، فى حالة الآباء الأثرياء الموضوع مش فارق، لكن هناك آلاف الأسر لا تقدر على الخاص ولا العام، هؤلاء هم الذين يشعرون ببدء الدراسة عندما يضجون بالشكوى، عنوانهم الدائم أسواق بيع الكشاكيل والكراسات والكتب الخارجية، لأن كتاب المدرسة محدش بيفهم منه حاجة، هل لأن المُدرِس مش موجود ليشرح الدرس، أم لأن الحشو الزائد جعل كتب المدرسة ثقيلة على العقل وعصية على الفهم، فيقوم المدرس الخاص بتلخيصها، وتقديمها فى صورة برشامة للطالب مقابل المعلوم.

إذا حاولت أن تقيس حالة السعادة أو التعاسة على وجوه أمهات التلاميذ اذهب إلى الفجالة واستمع إلى شكاوى من القلب من حال أسعار مستلزمات الدراسة، شكاوى متبادلة بين المستهلك، وهى الأسرة والبائع وهو التاجر، وهناك طرف ثالث هو اللهو الخفى الذى يتحكم فى الأسعار، هذا اللهو يطرح «كشاكيل» بسلك وأخرى من غير سلك، وأدوات أخرى صناعة صينية ضربت الصناعة المحلية التى قاربت على الاعتراف بالهزيمة والانسحاب من سوق الأدوات المدرسية.

طوارئ جرس العام الدراسى لم تتوقف على الأسر التى تضرب أخماسًا فى أسداس لتدبير ما يحتاجه الأبناء وهذه الاحتياجات سلسلة طويلة لا تتوقف على الكشاكيل والأقلام والملابس ولكنها تمتد لتصل إلى سندوتش المدرسة، كم تحتاج الأسرة لإعداد السندوتشات.. كم بيضة، وكم علبة جبنة وكم كيلو لبن، وكم بسطرمة وكم رومى، إذا كانت ظروف الأسرة مقبولة إلى حد ما، وماذا غير ذلك يحتاج التلاميذ، هل يوجد أقل من سندوتش الفول والبيضة تقدمه الأسرة الفقيرة لأبنائها، هل يدعونا ذلك إلى السؤال عن الوجبة المدرسية؟ هل نطالب بتوفير نوافذ حكومية لبيع احتياجات المدارس بأسعار فى متناول الأسرة بسيطة الحال، هل من أيادٍ حانية تربت على كتف أولياء الأمور الذين يستقبلون العام الدراسى بعد مصاريف العيد الكبير، وتوابع الثانوية العامة لإلحاق الأبناء بالجامعات التى تنافس على الاستيلاء على جيوب أولياء الأمور، عن الجامعات الخاصة أتحدث.

أين يذهب البسطاء؟ بالتأكيد سوف يجدون الأيادى الحانية، الدولة سوف توفر لكل المستويات حياة كريمة تستطيع أن تنفق على احتياجاتها، ولكن ستظل المعاناة ولن تستمر طويلاً، فالمستقبل يحمل من الحلول التى تريح الشقيانين لكن مع شوية صبر.