رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الموضوع

فجأة انتبه المسئولون، عندما أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي ضرورة عودة بحيرات مصر السمكية كسابق عهدها إنتاجاً و تصديراً، تلك البحيرات السبع بدءاً ببحيرة ناصر فى الجنوب، مرورا بقارون في الوسط وانتهاءً بمريوط شمالاً، تعرضت معظمها لمعاول التدمير تارة بتجفيف اجزاء منها كما حدث ببحيرة المنزلة، أو بردم مساحات شاسعة من محيطها كما جري بكينج مريوط او بفتحها لاستقبال الصرف «الزراعى والصحى والصناعي» كما تشهد الآن بحيرة قارون.

ولأن "قارون" تمثل نموذجاَ صارخاً للإهمال، فقد شاهدنا اجتماعاً عاجلاً لرئيس الحكومة بوزرائه المعنيين - بعد إشارة الرئيس بساعات - لإعداد الدراسات اللازمة لتخفيف ملوحة البحيرة وتحسين جودة الحياة المائية بها، مع إجراء حصر شامل لمصانع (كوم أوشيم) التى تصرف عليها.

ولكن كيف وصلت «قارون» إلى هذا الحال من تدمير لأسماكها، و ارتفاع ملوحتها إلي 37 الف جزء في المليون، وتراجع إنتاجها إلي 400 طن من «البسارية» سنوياً، مع زيادة تلوثها برائحته الطاردة للزائرين.

الحكاية من البداية جاءت نتيجة لأن المسئولين السابقين بالمحافظة لم يتعاملوا بجدية مع مشاكل البحيرة، وسلكوا الطريق الخاطئ في علاجها، تاركين همومها للبحث العلمي للقضاء علي طفيل «الايذويدو» مع وقف التنمية السمكية بها حتي يموت هذا الطفيل الذي كان يتغذي علي أسماكها.

وهكذا بعد ان كانت البحيرة تخضع لخطة تنمية سنوية  كما قال لي - أيمن محمود مدير عام منطقة وادي النيل للثروة السمكية - بإلقاء 22 مليون واحدة زريعة فى السنة لتنميتها سمكيا، قرر المسئولون وقف مد البحيرة بالزريعة فقام الصيادون باستنزاف مخزونها السمكى دون أى تنمية بديلة، حتى انخفض انتاجها إلى 400 طن سنوياً  بعد ان كان خمسة آلاف طن فى كل عام.

واستكمالا لمسيرة الانهيار، دخل مصرف البطس على الخط، باعتباره رافدا أساسيا لتغذية البحيرة من المياه، حاملاً الصرف الصحي لـ 86 قرية وتابعا ليلقي بها داخل البحيرة، الأمر الذى رفع نسبة التلوث بها إلى درجة كبيرة، ما أدى إلى نفوق اسماكها رغم مشروع الحزام الآمن حول البحيرة للحد من تلوثها.

ليس ذلك فقط، وإنما أصبحت الرائحة الكريهة هى السمة المميزة لشاطئ البحيرة، ما دفع معهد الصرف والرى إلى رسم خطة بديلة لزيادة منسوب المياه 80 سم للقضاء علي هذه الرائحة وتخفيف نسبة الملوحة التي بلغت نسبتها 37 جزءا في المليون، ما يشكل مناخاَ آمناً لنمو الطفيليات والقضاء على ثرواتها السمكية.

أما الصيد الجائر بالبحيرة، فمازال يمارس فى وضح النهار، رغم وجود شرطة المسطحات المائية، وقرار حظر الصيد لنمو الزريعة لكن الصيادين لم يصبروا واخترقوا الحظر لصيد الزريعة قبل نموها، بينما هجر بعضهم البحيرة وذهب للصيد ببحيرات أخري.

و فى سياق متصل من المشاكل، توقفت التنمية السياحية لشمال البحيرة التى وضعتها وزارة السياحة على الورق - كما همس لي المهندس حسام كامل مدير عام محميات المنطقة المركزية سابقاً - و حتي الآن لا نعرف سبباً لعدم تنفيذها والأغرب من هذا تقدم أحد المستثمرين العرب لإنشاء 14 مصنعا للقضاء علي ملوحة البحيرة، ولكن توقف مشروعه أيضا دون إبداء الأسباب.

و تأتي منحة الاتحاد الأوروبى لإنشاء محطات المعالجة بمبلغ 9.5 مليار جنيه والتي استخدمها المحافظون السابقون للفيوم في غير مكانها لتكمل ذروة المأساة.

وأخيراً إذا كان هناك تحرك ملموس من جانب المسئولين، فإن الفضل هنا يعود إلى القيادة السياسية التى أمرت بفتح ملف البحيرات المصرية وقارون من بينها،  فكان الله في عون الرئيس الذي يتابع كل كبيرة وصغيرة، بينما مازال بعض المسئولين في مقاعد المتفرجين.