عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يبدو أن المعاناة من معسكر اليمين الذى سيطر على العالم فى الحقبة الماضية هو ما يشير بقوة الى أن اليساريين عائدون الى معاقلهم فى العالم؛ خاصة أمريكا الجنوبية، فتصاعد اليسار في أمريكا الجنوبية مستمر، خاصة ان المؤشرات الانتخابية الأولى فى الارجنتين تشير بقوة الى احتمال عودة اليسار، مع تغلّب مرشح المعارضة ألبيرتو فيرنانديز في الانتخابات التمهيدية على الرئيس الحالي ماوريسيو ماكري. الطريف أن الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر والمرشح معها لمنصب نائب الرئيس تتقدم السباق، وهى من تبدى رؤية سلبية تجاه اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمتها الأرجنتين وثلاث دول في أمريكا الجنوبية مع الاتحاد الأوروبي؛ وهذا يعنى أن النفوذ اليسارى قد يستمر إلى عقود قادمة، فالتيار اليساري في بوليفيا عاد مع إعلان ايبو موراليس رئيساً. وفي الأوروجواي، وانتخاب مادورو في فنزويلا وانتخابات الإكوادور التي فاز فيها الرئيس اليساري رافييل كوريا بولاية جديدة؛ وهذا يعنى أن الملامح اليسارية لأمريكا الجنوبية بدت واضحة وبقوة مع تراجع اليمين المدافع عن السوق الحرة والليبرالية وسياسة الانفتاح والمنفتح على تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي. تبدو المعركة الآن على تنازلات كل التيارات حول جملة من التحفظات الايديولوجية والتي تنعكس على واقع إدارة المنظومة الاقتصادية في الارجنتين، فيما يتوقع من اليسار أن يتعاطى مع واقع العولمة والرأسمالية واقتصاد السوق بشكل حذر في انفتاحه رغم الضغوط التي سيتعرض لها. والجدير بالذكر أن اليسار في الأرجنتين قد يعيد دراسة بعض الملفات كاتفاقية التجارة الحرة وتعديل بعض القوانين بما يخص الاستيراد و عمل الشركات والضرائب ويراهن على أن المكتسبات التي عمل لأجلها في المساواة والتوزيع العادل للثروات والضمان الاجتماعي والصحي والتعليم ستكون رافعة له مع بقاء معضلات جاثمة تبحث عن حلول كالتضخم والبطالة. وفى الحقيقة إن السبب الأكثر أهمية لتحول المنطقة نحو اليسار هو العجز في النمو الاقتصادي، خاصة مع السياسات المالية القاسية والاستقلالية الكبيرة المعطاة للبنوك والانفتاح على التجارة والاستثمارات العالمية وتخصيص المشاريع والمؤسسات العامة وتجاهل استراتيجيات التطوير الاقتصادي والسياسات الصناعية، ورغم أنها كان لها الأثر الناجح في ازدياد النمو، الا أن هذه الإصلاحات خلفت وراءها الكثير من الفقراء وانعدام المساواة. وثمة جيل كامل وحوالي نصف أمريكا اللاتينية خسروا فرصة أية زيادة ملحوظة في معدلات مستوى المعيشة. لذلك يبدو طبيعياً الانجراف بالمزاج الانتخابي ككل تجاه اليسار، مع تفاقم مؤشرات اللا مساواة الاجتماعية إلى تبنى الحركات السياسية المشكلة حديثاً لخطاب اجتماعي بالمعنى الواسع للكلمة. ويشبه بعض المحللين هذا الوضع في أمريكا اللاتينية بالوضع في غالبية مجتمعات أوروبا الغربية مع نهاية القرن التاسع عشر، اذ اقترن النفوذ الواسع للاتحادات العمالية والأحزاب الاشتراكية بأشكال متنوعة من اللامساواة على أساس العرق والنوع والدخول، وهو ما أدى بهذه الاتحادات إلى الانجراف يساراً بهدف تفكيك أبنية اللامساواة تلك وإكساب السياسة ملمحا شعبيا، مع الاخذ فى الاعتبار تفاقم الأوضاع المعيشية في البلاد نتيجة فشل السياسات الإصلاحية الموجهة أمريكياً من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفى الحقيقة ان مناهضة السياسة الأمريكية من أهم أسباب صعود اليسار. فتبني قادة أمريكا اللاتينية سياسة أمريكا في المنطقة والتي تدعم الرأسمالية وتستنزف موارد دولها، قلل فرص القضاء على الفقر وتحسين مستوى معيشة المجتمعات داخلها، وهناك الإرث التاريخي من العداء الأمريكي اللاتيني لواشنطن، الذي يدركه حكام وشعوب أمريكا اللاتينية، الى جانب أن واشنطن لم تعد تركِّز في علاقاتها مع تلك البلدان في حقبة القطبية الأحادية، إلا على التقليل من تبعات الجوار الجغرافي مع تلك الدول على المصالح الأمريكية، اذ تهتم واشنطن بمنع تصدير المخدرات والمواد المحرمة من تلك البلدان إلى الأراضي الأمريكية، وتحجيم عمليات الهجرة غير المشروعة، وليس أدل على ذلك من توقيع الرئيس بوش ٢٠٠٦ على مشروع إقامة جدار عازل بين بلاده وتلك الدول بطول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك. كما تنشغل واشنطن بتأمين وارداتها من مصادر الطاقة من دول أمريكا اللاتينية، إضافة إلى تأمين الممرات المائية الاستراتيجية لسفنها وبوارجها، وتعزيز حضورها الاستراتيجي في جيوب القارة الأمريكية الجنوبية. وأكمل الصورة العداء المعلن من ترامب فى كل المناسبات تجاه أمريكا اللاتينية؛ لذلك يخطو اليسار بقوة للسيطرة على أمريكا الجنوبية من جديد.