رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

يمثل «حفظ المال» أو المقصد الخامس من مقاصد الشريعة الإسلامية.. القاعدة الكلية التي ترجع إليها كافة الأحكام الفقهية فيما يتعلق بالمعاملات المالية بين البشر.

ورغم وضوح القاعدة وشموليتها.. فإن الإصرار على النقل لا العقل.. ومحاربة الاجتهاد.. أديا إلى إظهار الشريعة في صورة العاجز عن مجاراة تغيرات العصر.. بإنزال أحكام تخص عصورا غابرة على معاملات حديثة تختلف عنها اختلافا كليا.. فقد تجاهل هؤلاء اختلاف المعاملات.. واختلاف طبيعة العملة وآليات تقييمها بعد إلغاء قاعدة الذهب للعملات.

وبناء على ذلك أخذ هؤلاء في تحريم كل ما يتعلق بمعاملات البنوك.. والتي تشكل النظام المالي العالمي.. الذي لا تستطيع أي دولة الخروج عن قواعده.. وهو ما أدى إلى خروج فتاواهم عن سياق عصرها وأحدثت الكثير من الأزمات.

ومن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها هؤلاء.. وصفهم لعوائد شهادات الاستثمار والودائع بالربا.. انطلاقا من الحديث الضعيف سندا الصحيح متنا  «كل قرض جر نفعا فهو ربا».. وجهل هؤلاء أن تلك المعاملة ليست قرضا من أصله.. وبالتالي لا ينطبق عليها حكم الحديث.. أما الشق الثاني وهو المتعلق بالقروض.. فإن التغير المستمر في قيمة العملة يفرض على الفقه الإسلامي إعادة النظر في تطبيق ذلك الحكم «حرفيا» على القروض.. خاصة طويلة الأجل منها.. فلو أقرض شخص شخصا مبلغ 100 ألف جنيه أي ما يعادل 12500 دولار قبل قرار تعويم الجنيه.. وجاء لردها 100 ألف جنيه بعد القرار.. فالحقيقة أنه رد إليه ما يعادل 5500 دولار.. أي أقل من نصف «قيمة» ما أخذه.. ونكون هنا قد خالفنا قاعدة «حفظ المال».. ووقع المقرض في غبن حقيقي وإضاعة ماله.. وذلك نتيجة التمسك الحرفي برد المبلغ المقترض وليس «قيمته».. وهنا سنجد أن العدل الذي يتفق مع روح الشريعة الإسلامية.. يفرض أن يكون المبلغ المسترد هو 225 ألف جنيه.. والعبرة هنا ليست بالقيمة الاسمية للأوراق النقدية.. بل بالقيمة السوقية أو «الحقيقية» لها.. ولا يكون فرق القيمة الاسمية هنا ربا بأي حال من الأحوال.. ولا يمكن اعتباره نفعا، فهو فرق «القيمة» ليس أكثر.. نفس المثال السابق يمكن أن ينطبق تماما على التمويل طويل الأجل.. إذ تتعرض «قيمة» القرض للانخفاض نتيجة تغير قيمة العملة ومعدلات التضخم.. مما يدفع البنوك لاحتساب معدلات فائدة للقرض للحفاظ على «قيمة» أموالها.. والتطبيق العملي للتفريق بين الربا والحفاظ على قيمة الأموال الذي تفرضه الشريعة.. يتمثل في تقويم القروض «بقيمة» أخرى أكثر ثباتا غير القيمة الاسمية للعملة.. كالدولار أو الذهب أو سلة عملات مثلا.. وذلك عين العدل.. فما قل عن «القيمة» ظلم بين.. وما زاد فهو ربا محرم ملعون من يأكله.