رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

الإنفاق الترفى والإنفاق الضرورى أين تقع الدروس الخصوصية منهما؟ وهل دفع الأسرة لابنها لأخذ دروس خصوصية يعتبر ترفيهاً يمكن الحد منه أو تجنبه؟ وهل جميع الأسر المصرية قادرة على إعطاء أبنائها دروساً خصوصية، وهل الدروس الخصوصية «أصبحت الطريقة الوحيدة» لحصول طلاب الثانوية العامة على مجموع يؤهلهم لكليات القمة؟ وهل كل من أخذ درساً خصوصياً دخل الطب والهندسة والعلوم السياسية والإعلام والصيدلة أى أنه حصل على مجموع يؤهله لهذه الكليات التى نافست هذا العام سعر الذهب؟

للإجابة عن هذه الأسئلة التى هى ليست جديدة ولكنها مطروحة منذ أن فقد التعليم عرشه، وهل كان التعليم فى مصر يتربع على العرش؟ أم أن نظام التعليم فاشل منذ الأزل، فى الحقيقة لم يكن التعليم فاشلاً، ولكن كان فى طريقه إلى الفشل، بعد أن أصبح الطالب أقوى من المعلم، وأصبح المعلم يجلس مع الطالب على المقهى، ويتبادلان السجائر! وعندما أصبح الطالب يمد يده على معلمه، وعندما أصبح المعلم يتحرش بالطالبات، وعندما أصبحت المادة أهم عند المعلم من أنه يسعى لأن يكون رسولاً.

المعلمون أصابهم الجشع، مثل بعض الأطباء الذين همهم الحصول على «الثلاثة عين» عيادة وعربية وعروسة، وهذا حقهم، لكن الذى ليس من حقهم الحصول على كل ذلك من جيوب المرضى، الطبيب يضع يده فى جيب المريض، والمدرس يضع يده فى جيب ولى الأمر.

لكن ما الحل؟ الحل فى يد طلاب الثانوية العامة أنفسهم، قالوا هذا العام إن الدروس الخصوصية وراء تفوقهم وحصولهم على المجموع الذى يحلمون به، وأن الدروس الخصوصية ليست وجاهة ولا ترفيهًا، ولا إنفاقًا ترفيًا، الأسر تدفع ثمنها صاغرة، مثل الدواء الضرورى الذى يبيع البعض عفش بيته للحصول عليه، سواء لإجراء جراحة، أو تدبير ثمن علبة دواء لعلاج مرض خطير، وما أكثر أمراض هذا العصر.

الأسرة غير قادرة، ولكنها تدفع ثمن الدروس بنفس راضية، أهم شىء الولد، أو البنت ينجحان، ولكن ليس بالدروس الخصوصية يحصل الطالب على ما يتمنى، هناك طلاب يحصلون على الدروس للحصول على درجة النجاح، وطلاب يعتبرون الدروس الخصوصية مثل المكمل الغذائى لتحسين مجموعهم.

الخطير فى هذه القضية أنه لا توجد مدارس، ولا يوجد تعليم، المدارس مسئولة عن تسرب الطلاب إلى مراكز الدروس الخصوصية، جميع طلاب الثانوية هذا العام أدوا الامتحانات دون أن يذهب طالب ولو لحصة واحدة إلى المدرسة، مراكز الدروس الخصوصية ردت على الطلاب، نردها لكم فى الأفراح، وطورت من نفسها، وأصبحت تأخذ الطلاب الذين يقصدونها غيابًا وحضورًا، وتقوم بإبلاغ أولياء أمورهم خشية من جلوس بعض الطلاب على المقاهى لإنفاق ثمن الدروس الخصوصية بعد إخبار أسرهم بأنهم فى الدرس.

الطلاب وجدوا من يسأل عنهم، مديرو المراكز يتصلون بأولياء الأمور لإبلاغ نتائج اختبارات أبنائهم كل شهر، ويشرحون لهم مواطن القوة والضعف عند أبنائهم، وبعض المراكز تطرد الطلاب الذين لا يتقدمون فى الدراسة، أو الطلاب المهرجين الذين يقضونها «موبايلات» فى حصص الدروس الخصوصية.

لا أعتقد أن الدروس الخصوصية سوف تنتهى مهما التهمت من دخل الأسرة، فقد أصبحت ضرورية والمسئول عن ذلك هو المدرسة ونظام التعليم، الأسر غير سعيدة بدفع مليارات الجنيهات للدروس الخصوصية كل عام، ولكنها تدفع وترفع أيديها إلى الله بأن تتوصل وزارة التعليم إلى دواء لعلاج مرض الدروس الخصوصية، وإلى أن يظهر هذا العلاج فمراكز الدروس الخصوصية مفتوحة وعيب نطلق عليها أوكارًا، لأن الأوكار يرتادها المدمنون، وإذا كان الطلاب أدمنوا الدروس الخصوصية فهذا ليس عيباً فيهم، ولكن نعيب زمانهم، والعيب على الذين يخططون لمستقبلهم.