رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الموضوع

يا سيدى.. نحن نحاول أن نكسب رزقنا بالحلال، فبعد وفاة والدى ترك لنا (كشكاً) للفاكهة على ناصية أحد الشوارع الشهيرة بوسط العاصمة، وعند تجديد ترخيصه للإنفاق على إخوتى، درت كعب داير، وبى انتهى المطاف بوقف الترخيص.

ففكرت فى بيع الفاكهة على عربة كارو متنقلاً من شارع لآخر، خوفاً من رجال المرافق الذين إذا لحقوا بى، يتم تكسير العربة وأخذ الفاكهة وإلا سأضطر إلى (دفع المعلوم) من حصيلة عرقى طوال اليوم دون وجه حق.

أليس من حقنا كباعة جائلين أن نتقن مهنتنا؟، لكى نعيش فى أمن ونكسب قوتنا بالحلال، والكل يعلم أن أكل العيش مر.

ذلك كان مضمون الرسالة التى حملها بريدى الإلكترونى من بائع متجول أتحفظ على ذكر اسمه، وطالبنى برفع صوته إلى المسئولين بحثاً عن حل.

توقفت أمام تلك الرسالة، وتخيلت أنه واحد مثل غيره من آلاف الباعة الجائلين الذين تجدهم فى ميادين العاصمة وشوارع المحافظات، أو نصطدم بهم على الأرصفة وفى أزقة الطرقات أمام فرشة صغيرة لعرض بضائعهم التى تجاوزت السلع الغذائية والفاكهة وامتدت إلى الأجهزة الكهربائية والأدوية، وأدوات التجميل والمعدات المنزلية، ونحن لا ندرى مصدراً معلوما لهذه البضائع أو من أين جاءت؟ وما مدى صلاحيتها للاستخدام؟!

قادتنى تلك التساؤلات إلى دراسة أعدها اتحاد الصناعات كشفت أن الباعة الجائلين يتجاوز عددهم خمسة ملايين (بائع أو سريح) بينهم على الأقل 45% من النساء والأطفال، بخلاف الصينيين الذين يطرقون أبواب المنازل لفرض سلعهم بسعر زهيد وقد نقبلها تعاطفا معهم دون أن نعلم مدى سلامتها أو مطابقتها لشروط التصنيع.

وجاء بالدراسة أيضاً أن هؤلاء الباعة بعددهم الكبير يمثلون ثروة بشرية واقتصادية مهدرة حيث يمتهنها 50% من حجم العمالة المصرية فى الوقت الذى قدرت فيه وزارة التخطيط أن نشاطهم يندرج تحت مسمى الاقتصاد غير الرسمى ويسهم بـ40% من الإنتاج المحلى للدولة كما قدره اتحاد الصناعات بنحو تريليون جنيه كاقتصاد موازٍ.

من هنا ندرك أهمية ما نادى به الدكتور محمد معيط وزير المالية بضرورة التوصل إلى آلية سريعة لدمج هذا الاقتصاد الخفى مع الاقتصاد الرسمى حتى تزيد مواردنا السيادية.

ولكن لا يجب أن تتوقف مطالبة وزير المالية عند حدود الأمنيات فقط، وإنما عليه وبصفته واحدا من فريق الحكومة، أن يتقدم بمشروع قانون عاجل إلى مجلس النواب فى دورته القادمة لتقنين هذا النشاط حفاظاً على الحقوق الضائعة لهذه الفئة الكبيرة من العمالة حتى تشعر بالأمان والاستقرار من خلال إنشاء سويقات حديثة بكل حى أو مدينة بدلاً من الأسواق العشوائية أو مزاحمة الركاب فى وسائل المواصلات ومحطات المترو.

والأهم من هذا وذاك تحديث القانون المنظم لعمل هذه الفئة، الذى صدر منذ 60 عاماً تحت مسمى قانون إشغال الطريق رقم 140 لسنة 1956 الذى تصل عقوبته إلى الحبس، خاصة بعد أن امتهنها حملة المؤهلات العليا، الذين فضلوا العمل بها بدلا من الوقوف فى طابور البطالة.

لذلك كان محقا الأمين العام لاتحاد العمال حين اعترف بلسانه بأن القوانين المتعلقة بالباعة الجائلين أصبحت لا تناسب عصرنا الحالي.

وأخيرا نظموا هذه العمالة حتى تستفيد بها الدولة، ويستفيدوا هم بكسب رزقهم فى أمان واستقرار لأنه فعلاً، وكما قال صاحب الرسالة، أكل العيش مر!