عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

وأنا ماشى فى منطقة وسط البلد خلال أحد أيام عيد الأضحى توقفت أمام أحد محلات بيع الملابس الجاهزة، ولفت نظرى وجود قطعة ملابس داخل الفاترينة كنت أبحث عنها منذ فترة، دلفت داخل المحل أطلبها من البائع، فقال دى آخر قطعة وهى للعرض فقط، وسوف تصل نظيرتها خلال أيام، ونفس الكلام تكرر فى محل آخر.

للعرض فقط أثار غضبى وكنت أمنى نفسى بحيازة هذا الزى وأنا أفكر فى هذه المشكلة طق فى دماغى أشياء كثيرة فى حياتنا للعرض فقط منها بعض القوانين التى لا تطبق منها ما هو صدر منذ عشرات  السنين ومنها ما هو صدر مؤخراً، هذه القوانين موجودة فى الثلاجة أو الفاترينة ولم نسمع عنها داخل المحاكم، منها قوانين تعاقب على الاستخدام السييء للمياه عن طريق رشها فى الشوارع، أو غسل السيارات الى القوانين التى تعاقب على انتهاك خصوصية  المواطنين، وتطاردهم حتى غرف نومهم، والتشهير بهم على السوشيال ميديا.

وإذا رجعنا لمضابط مجلس النواب نكتشف أنه قدم عدة قوانين مهمة لضبط ايقاع الحياة العامة  والحفاظ على الخصوصية، وعدم تطبيقها ليس مسئولية المجلس، وإن كان من واجبه متابعة التطبيق، ومن حق النواب تقديم بيانات عاجلة وطلبات إحاطة إذا قصرت الجهات المنوط بها تطبيق القانون فى تنفيذه لمواجهة السلبيات وأرى أن عدم تطبيق القانون يعنى أن القانون غير موجود، وهو مجرد نصوص فى فاترينة أو فى الثلاجة أو فى المخازن أو فى إجازة!

مثلاً مجلس النواب أصدر قانوناً فى غاية الأهمية باسم قانون مكافحة تقنية المعلومات والمعروف بقانون «جرائم الانترنت»، ويفرض هذا القانون عقوبة تصل الى الحبس 6 أشهر وغرامة تصل الى 100 ألف جنيه على من ينتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين عبر الانترنت ومن بينها تصوير المواطنين دون إذنهم ونشر صورهم. واعتبر القانون تصوير المواطنين دون إذن- وهى عادة سيئة انتشرت فى الشوارع ووسائل المواصلات والأماكن العامة يلجأ اليها بعض الشباب التافهين لابتزاز المواطنين بعد فضحهم على وسائل التواصل الاجتماعى- بأنها اعتداء على المبادئ والقيم فى المجتمع وأمر فى غاية السوء يجب مواجهته بالقانون.  وأصدر مجلس النواب هذا القانون لمواجهة ظاهرة انتشرت ومازالت موجودة آخرها صورة الرجل الطيب الذى كان يصلى على دراجته صلاة عيد الأضحى بجوار مئات المصلين فى إحدى الساحات الشعبية بالمحلة، وبعد نشر الصورة تردد أن الرجل تعرض لأزمة صحية لأنه اعتبر كما اعتبرت أسرته نشر الصورة فضيحة، وتردد أن الرجل توفى نتيجة أزمة صحية بسبب نشر صورته وتم نفى الخبر، ماذا استفاد الشاب الذى التقط الصورة، فالرجل الذى كان يصلى على الدراجة حتى أقطع الطريق على الدجالين والمتاجرين بالدين أن صلاته صحيحة وأنه لم يرتكب جرماً لا فى حق الدين ولا فى حق أسرته، إذا خاف على دراجته من السرقة وصلى بهذه الطريقة فهذا حقه، ولكن الذى ليس حقه هو الذى صوره بهذه الطريقة بقصد السخرية منه، اعتبرتها أسرته إساءة إليها فى يوم العيد. أين القانون من هذا التصرف البذيء، وغيره من التصرفات الصبيانية التى تطارد المواطنين فى كل مكان تتلصص على خصوصياتهم، لو طبق القانون مرة واحدة لارتدع هؤلاء الذين يهدرون القيم والمبادئ ويعتدون على حرمات الناس، من حق الرجل الطيب صاحب الدراجة أن يلجأ للقضاء لطلب تعويض من الذين شهروا به، ومن حقه أيضاً تطبيق القانون الذى صدر لمواجهة هذه التجاوزات الجبانة فى حق الانسانية للحد منها بعد أن استفحلت، وتحولت كاميرات الموبايلات الى رصاص يسدد الى شرف الناس وكرامتهم.

ضبط الحياة ليس بغابة القوانين التى تصدر فالمطلوب ترشيد القوانين ولكن الأهم تطبيقها، ومن حماية الإنسان بالقانون هناك حماية للحيوان أيضاً، من التعذيب البشع الذى حدث فى ذبح حيوانات الأضاحي، وتم تصويرها أيضاً، فكان يتم ذبحها بعد الطعن والضرب المبرح، رغم أن مصر أول دولة فى العالم أصدرت قانونًا يجرم تعذيب الحيوان، القانون يعاقب على الأحمال الزائدة على الحيوانات المعدة للركوب والجر، ويعاقب على تشغيل الحيوانات المريضة، ويحمى الطيور النافعة للزراعة، ولكن عندنا القانون فى وادٍ والناس فى وادٍ آخر.

يد القانون لابد أن تطول وتمارس مهمتها والبديل عن ذلك اتساع رقعة الانفلات. قوانين للعرض فقط مثل العدم وتشجع على التجاوزات!