رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

فى صباح يوم الثامن عشر من أغسطس 2015 ملأت وسائل التواصل صورة صادمة لجثة مقطوعة الرأس معلقة على أحد أعمدة الإنارة في طريق رئيسي بمدينة تدمر السورية، (واحدة من أهم الممالك السورية القديمة التي ازدهرت بشكل خاص في عهد ملكتها زنوبيا), أسفل الجثة لوحة ورقية بيضاء عليها بقع من دم، وعليها لائحة الاتهام التي بسببها قتل الرجل صاحب الـ81 ربيعاً، لتبقى هذة الورقة شاهدة على واحدة من أفظع جرائم تنظيم «داعش» الإرهابي.

وجاء الخبر الصادم  ليوضح مقتل مدير آثار مدينة تدمر السورية خالد الأسعد، ولأن المصائب لا تأتى فرادى فالحادثة مزودجة، الأولى بوفاة عالم آثار فريد، والثانية بالوحشية التي قتل بها الرجل.

​​«الأسعد» تعرفه أعمدة تدمر، وحجارتها تميز رائحته، وتماثيلها تنام بين يديه، وزنوبيا أعطته أسرارها، يملك رصيدًا ضخمًا من الأبحاث والكتب والمراجع التي توثق تاريخ هذه المدينة الأعجوبة «تدمر» التي تشبه متحفا في الهواء الطلق

ترك 40 مؤلفًا عن الآثار في سوريا والعالم، وعمل مع عدة بعثات أثرية أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية وغيرها خلال سنوات عمله الطويلة ونال عدة أوسمة محلية وأجنبية.

يقول عنه أهالي تدمر إن داعش قبل أن يصدر الحكم بقتله طلبوا إليه الركوع في الساحة العامة, فكان آخر ما قاله: «نخلات تدمر لا تنحني».

​قتل «الأسعد» بوحشية تبدو عادية على التنظيم الإرهابي، وتهمته أنه يعمل «مدير لأصنام تدمر الأثرية» كانت هذه هى التهمة الرئيسية لبطل ظل يدافع عن سوريا وتاريخها وحضارتها, وعندما سيطرت الجماعة التكفيرية على مدينة تدمر لم تحطم المدينة كما كان متوقعًا، بل اكتفوا بتحطيم تمثال «أسد اللات» الذي كان يحرس بوابة المتحف، وتم تصوير هذا المشهد وتداوله على وسائل الإعلام لكنها كانت مجرد صورة رمزية للتدوال.

لن ينسى العالم أن داعش أعدمت عالم الآثار السوري خالد الأسعد بعد رفضه إرشادهم إلى كنوز, لكن أزمة التنظيم الإرهابي كانت في قرار اتخذته المديرية العامة للآثار، بتفريغ المتحف من محتوياته النفيسة، فكان عليهم أن يقتفوا أثر التماثيل النادرة، ليس لتحطيمها، بل من أجل تهريبها، فالمافيات العالمية لتهريب الآثار تنتظر صفقة العصر»، و«كلمة السر كانت لدى شخص محدد هو «الأسعد» الذي قضى نصف قرن من عمره يحرس هذه الكنوز، ويعرف سجل كل قطعة أثرية في هذه المدينة، ومثلما رفض مغادرة مدينته، رفض الإفشاء بأسراره لهؤلاء اللصوص، وحين فقدوا الأمل قرروا إعدامه على طريقتهم.

أسرة الأسعد قالوا إنه كان معتقلًا منذ نحو شهر، بعد رفضه فرص الفرار من المدينة بعد سيطرة «داعش» عليها, وأن التنظيم كان يريد معرفة أين اختفى «ذهب تدمر»، فخلال فترة الاحتجاز، سأله المسلحون مرارًا عن مكان يعتقد أن الذهب مدفون فيه، والأماكن التي اخفي فيها كنوز المدينة وعندما رفض قتلوه.

هكذا قتل «الأسعد» لأنه أصر على ألا يترك معشوقته «تدمر» بيد تتار جدد يدمرون وينهبون ويسرقون ويبتاعون تاريخها في مزادات عالمية، وهو ابن تلك الحضارة الإنسانية، لذلك أحدث مقتله هزة قوية في العالم كله.

 

 

[email protected]