عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى لقاء مع مطرب كبير، وهو «حبيب قلبي» امتد الكلام حول حالة الغناء والمغنين حتى وصل إلى محمد منير، وأبدى متردداً وبحذر شديد إعجابه بصوته، لكنه انتقد بشجاعة ملابسه الكاجوال وحركاته على المسرح وشعره المنكوش.. وتفهمت بالطبع وجهة نظره فهو يغنى بوقار بالبدلة الرسمية وبشعره المسبسب وببشرته البيضاء الملساء المدهننة.. وفعلاً «منير» يكاد يكون المطرب الوحيد الذى لم يضبط مرة واحدة بالغناء بالبدلة.. فأغانيه تنشد الحرية والتلقائية فى الحب والإنسانية وكذلك جمهوره الواسع من الشباب لا يرتدى بدلة، ويسمعه وهو يجرى ويتحرك فى صراعه مع الحياة تطبيقًا لما قاله الفيلسوف الألمانى فريدريك نيتشه (1844 - 1900) «نحن نستمع للموسيقى بعضلاتنا»!

وبعد سنوات من هذا اللقاء، أصدرت، مؤخراً، نقابة المهن الموسيقية قراراً برئاسة المطرب الكبير هانى شاكر بمنع التعامل مع (16) من مغني المهرجانات وتهديد بالسجن والغرامة لمن يخالف القرار.. بالطبع ليس لأنهم لا يرتدون البدلة والكرافتة فى حفلاتهم ولكن لأنهم ليسوا أعضاء بالنقابة أو حاصلين على تصاريح بإقامة حفلات.. وحذرت فيه جميع الهيئات السياحية وغيرها، والمصرح لها بإقامة حفلات بمنع التعامل معهم.. فكيف يتوافق ذلك مع دولة السياحة فيها من أهم مصادر الدخل القومي، وما مدى دستورية أن تكون لمنظمات المجتمع المدنى مثل النقابات والجمعيات سلطة على غير أعضائها مما يعتبر افتئات وتعدى على سلطة الدولة!

وعمومًا المنع فى مجال الفنون والإبداع ليس هو الوسيلة الصحيحة الآن وأقصد بالآن يعنى فى زمن السيوشيال ميديا والإنترنت وفى زمن الهاتف المحمول الذى صار أكبر من مجرد تليفون مع كل فرد ولكنه إذاعة وتليفزيون وصحيفة ومجلة ومكتبة ومدرسة ومعاهد للتعليم والمعرفة ودورات وندوات وأبحاث ودراسات وشهادات.. كل ذلك وأنت مازلت تريد أن تتحكم فيمن يغنى ومن لا يغنى ومن يكتب ومن لا يكتب ومن يمثل ومن لا يمثل الا بتصريح؟

ومن المهم إجراء حوار ونقاش بين هؤلاء الشباب بتواضع وحب للمعرفة والاستفادة من تجاربهم والتعرف عن قرب على قدراتهم على اجتذاب الملايين من الجمهور، بدلًا من استخدام سلطة المنع بجبروت والتعامل معهم باستعلاء وتكبر على ما يقدمونه من فن، ومن المفترض أن أعضاء نقابة المهن الموسيقية أكثر الناس دراية بأن الفن الذى يقدمه هؤلاء الشباب ألوان وأنواع موسيقية معروفة ومنتشرة فى أمريكا وأوروبا وهو الراب والبوب والهيب الهوب، وعوائده المادية بالمليارات وله نجوم كبار وبعضهم جاء إلى مصر وأقاموا حفلات مثل المطربة جينفير لوبيز ..وقد حضرتها ووزيرات وهذا من حقهم وليس عيبًا.. فهل نقابة الموسيقيين كانت تملك الجرأة على منع حفلها مثلما استرجلت على هؤلاء الشباب؟!

صحيح يمكن أن نختلف على بعض أغنياتهم أو نرفض بعض كلماتها التى تتضمن كلمات خادشة أو إيحاءات جنسية وإباحية، ولكن ذلك لا يأتى بالمنع ولكن بالحوار والنقاش.. ولكن هذا لا ينفى أن مثل هذه الأغنيات جزء لا يتجزأ من تراثنا الغنائى وثقافتنا الشعبية.. من أول أغنية «بدال ما تسهر على القهوة تعال نشوى أبوفروة» فى العشرينيات من القرن الماضى للمطربة فاطمة سري، ومرورًا بأغنية «هات القزازة وأقعد لاعبني..» وهى أغنية للمطربة نعيمة المصرية من ألحان زكريا أحمد وكلمات محمد يونس القاضى مؤلف النشيد الوطنى بلادى بلادي.. وحتى «على قد الليل ما يطول» من ألحان سيد درويش وكلمات العبقرى بديع خيري.. إلى أغانى البنات فى أفراح الريف مثل «ادحرج واجرى يا رمان وتعالى على حجرى يا رمان.. ويا اللى على الترعة حود على المالح وبقى بيوجعنى من ايه؟.. من بوس امبارح.. ييجى ييجى.. يجى على المحطة وادبحله بطه»!

وأعتقد أننا فى حاجة إلى دراسة ظاهرة انتشار غناء المهرجانات،، ونعرف لماذا يقبل عليها الشباب من كل الفئات والمستويات والطبقات بدلًا من منعها.. وأرى أن المنع لن يفيد، بل سيوسع مساحات الرفض والعناد، ويزيد من مسافات التباعد والفرقة، ويشعل حدة العداء والكراهية.. فقد انتهى زمن التحكم فى الذوق العام، وهيمنة الصوت الواحد فى الغناء.. وفى كل شيء!

 

منتصر جابر

[email protected]

                                                                                                           منتصر جابر

فى لقاء مع مطرب كبير، وهو «حبيب قلبي» امتد الكلام حول حالة الغناء والمغنيين حتى وصل إلى محمد منير، وابدى متردداً وبحذر شديد اعجابه بصوته، لكنه انتقد بشجاعة ملابسه الكاجوال وحركاته على المسرح وشعره المنكوش.. وتفهمت بالطبع وجهة نظره فهو يغنى بوقار بالبدلة الرسمية وبشعره المسبسب وببشرته البيضاء الملساء المدهننة.. وفعلاً «منير « يكاد يكون المطرب الوحيد الذى لم يضبط مرة واحدة بالغناء بالبدلة..فأغانيه تنشد الحرية والتلقائية فى الحب والإنسانية وكذلك جمهوره الواسع من الشباب لا يرتدى بدلة، ويسمعه وهو يجرى ويتحرك فى صراعه مع الحياة تطبيقا لما قاله الفيلسوف الألمانى فريدريك نيتشه (1844 - 1900) «نحن نستمع للموسيقى بعضلاتنا» !

وبعد سنوات من هذا اللقاء، أصدرت، مؤخراً، نقابة المهن الموسيقية قراراً برئاسة المطرب الكبير هانى شاكر بمنع التعامل مع (16 ) من مغنيين المهرجانات وتهديد بالسجن والغرامة من يخالف القرار.. بالطبع ليس لأنهم لا يرتدون البدلة والكرافتة فى حفلاتهم ولكن لأنهم ليسوا أعضاء بالنقابة أو حاصلين على تصاريح بإقامة حفلات.. وحذرت فيه جميع الهيئات السياحية وغيرها، والمصرح لها بإقامة حفلات بمنع التعامل معهم.. فكيف يتوافق ذلك مع دولة السياحة فيها من أهم مصادر الدخل القومي، وما مدى دستورية ان تكون لمنظمات المجتمع المدنى مثل النقابات والجمعيات سلطة على غير أعضائها مما يعتبر افتئات وتعدى على سلطة الدولة!

وعموما المنع فى مجال الفنون والإبداع ليس هو الوسيلة الصحيحة الان واقصد بالان يعنى فى زمن السيوشيال ميديا والإنترنت وفى زمن الهاتف المحمول الذى صار اكبر من مجرد تليفون مع كل فرد ولكنه إذاعة وتليفزيون وصحيفة ومجلة ومكتبة ومدرسة ومعاهد للتعليم والمعرفة ودورات وندوات وابحاث ودراسات وشهادات.. كل ذلك وانت لازلت تريد ان تتحكم فيمن يغنى ومن لا يغنى ومن يكتب ومن لا يكتب ومن يمثل ومن لا يمثل الا بتصريح ؟

ومن المهم اجراء حوار ونقاش بين هؤلاء الشباب بتواضع وحب للمعرفة والاستفادة من تجاربهم والتعرف عن قرب على قدراتهم على اجتذاب الملايين من الجمهور ، بدلا من استخدام سلطة المنع بجبروت والتعامل معهم باستعلاء وتكبر على ما يقدمونه من فن، ومن المفترض ان أعضاء نقابة المهن الموسيقية اكثر الناس دراية بان الفن الذى يقدمه هؤلاء الشباب الوان وأنواع موسيقية معروفة ومنتشرة فى امريكا وأوروبا وهو الراب والبوب والهيب الهوب، وعوائده المادية بالمليارات وله نجوم كبار وبعضهم جاء إلى مصر وأقاموا حفلات مثل المطربة جينفير لوبيز ..وقد حضرتها ووزيرات وهذا من حقهم وليس عيبا..فهل نقابة الموسيقيين كانت تملك الجرأة على منع حفلها مثلما استرجلت على هؤلاء الشباب ؟!

صحيح يمكن ان نختلف على بعض أغنياتهم او نرفض بعض كلماتها التى تتضمن كلمات خادشة او إيحاءات جنسية واباحية ولكن ذلك لا يأتى بالمنع ولكن بالحوار والنقاش..ولكن هذا لا ينفى ان مثل هذه الاغنيات جزء لا يتجزأ من تراثنا الغنائى وثقافتنا الشعبية ..من أول أغنية «بدال ما تسهر على القهوة تعال نشوى أبو فروة» فى العشرينيات من القرن الماضى للمطربة فاطمة سري، ومرورا بأغنية «هات القزازة و أقعد لاعبني..» وهى أغنية للمطربة نعيمة المصرية من الحان زكريا احمد وكلمات محمد يونس القاضى مؤلف النشيد الوطنى بلادى بلادي.. وحتى «على قد الليل ما يطول « من الحان سيد درويش وكلمات العبقرى بديع خيري..الى أغانى البنات فى أفراح الريف مثل « أدحرج وأجرى يا رمان وتعالى على حجرى يا رمان ..ويا اللى على الترعة حود على المالح وبقى بيوجعنى من ايه؟..من بوس امبارح..ييجى ييجى ..يجى على المحطة وادبحله بطه»!

واعتقد إننا فى حاجة إلى دراسة ظاهرة انتشار غناء المهرجانات ونعرف لماذا يقبل عليها الشباب من كل الفئات والمستويات والطبقات بدلا من منعها..وارى ان المنع لن يفيد، بل سيوسع مساحات الرفض والعناد، ويزيد من مسافات التباعد والفرقة، ويشعل حدة العداء والكراهية..فقد انتهى زمن التحكم فى الذوق العام، وهيمنة الصوت الواحد فى الغناء.. وفى كل شيء!

[email protected]