رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

- سألوني: ما رأيك في (الوفد) هذه الأيام؟؟؟

- قلت لهم: لقد تغير (الوفد) كثيرا.. لم يعد (وفد زمان) حينما كان (الوفد) فوق كل خلاف أو اختلاف .. كانت الديمقراطية الحقة هي دستور الوفد.. كان الوفد لا ينادي بشىء ويفعل ضده .. سأضرب لكم ثلاثة أمثلة.

في حكاية 4 فبراير 1942.. حينما حاصرت الدبابات الإنجليزية سراي عابدين وصعد السفير البريطاني يطالب الملك فاروق بأن يستدعي مصطفي النحاس لتشكيل الوزارة والا يوقع علي هذه الورقة.. وهي التنازل عن العرش ليصبح الأمير محمد علي ولي العهد ملكا للبلاد.. واضطر الملك أن يلبي طلب الإنجليز بعد ضغط كبير من أحمد باشا حسنين والملكة نازلي وحتي كبار رجال مصر.. وقيل يومها ان النحاس جاء (علي أسنة رماح الإنجليز) وهاجمت معظم الصحف النحاس بشدة وعلم مصطفي النحاس ان عددا من أعضاء الوفد خاصة شباب الحزب وطليعته ضد استجابة النحاس لطلب الإنجليز بل اتصل عدد من رجال الوفد بالنحاس يعارضونه فيما فعل.. هنا دعا النحاس الهيئة الوفدية للاجتماع وشرح لهم الموقف..

روميل ومعه جيش علي أعلي وأقوي مستوي في العلمين علي بعد مسافة يوم واحد من الإسكندرية وإذا وقعت الإسكندرية وقعت مصر كلها في إيدي الألمان ويكون الاحتلال الأبدي لا جيش إنجليزي طبقا لمعاهدة في دولة حرة مستقلة.. بل قد يخسر الحلفاء كلهم الحرب إذا تم احتلال مصر.. الملك يميل للألمان وله اتصالات خفية معهم وهذا ما سنقاومه ونمنعه فضلا عن اتصالنا بالقيادة الإنجليزية للمساعدة في محاصرة روميل من كل اتجاه.. قال النحاس سنؤدي خدمة ضخمة للإنجليز وللحلفاء ولمصر وللعالم كله لكي تنتصر الديمقراطية.. كل الأحزاب لا تستطيع ذلك سوي الوفد.. لان الأحزاب كلها تحاول دائما إرضاء الملك بأي شكل ولا علي حساب مصر والعالم كله.

كل أعضاء الهيئة الوفدية قاموا يقبلون مصطفي النحاس الذي زاد قدراً وعظمة لحسن سياسته وبعد نظرة في عيونهم وقلوبهم جميعا.. حكاية فصل العضو .. لاختلاف وجهات النظر شىء لم يعرفه الوفد قط فهو أكبر من ذلك.

حكاية ثانية..

محمود فهمي النقراشي باشا قرر السفر إلي أمريكا لمطالبة انجلترا في مجلس الأمن بالجلاء عن مصر بعد أن انتهت الحرب العالمية بثلاث سنوات (1948) طبقا لمعاهدة 1936 .. قرر مصطفي النحاس وبعض رجال الوفد الكبار إرسال برقية لمجلس الأمن يطالبون عدم السماح للنقراشي بعرض قضية مصر علي المجلس.. لان النقراشي مجرد رئيس حزب أقلية ولا يمثل الشعب كله.. لذا سيسافر وفد من حزب الأغلبية وهو الحزب الذي وقع المعاهدة مع الإنجليز لعرض القضية العرض الأمثل..

هنا ثار - لا أقول - عدد كبير من أعضاء الهيئة الوفدية.. بل أكاد أقول.. ثار كل الأعضاء .. بل بعضهم مثل مصطفي موسي وإبراهيم طلعت وعزيز فهمي وأحمد أبوالفتح وغيرهم من شباب الوفد الواعد.. قرروا منع هذه البرقية ولو بالقوة.. هل يصح بدلا من أن نقف جميعا خلف النقراشي نحاربه ونخزله أمام الإنجليز.. هنا دعا النحاس لاجتماع عاجل في نفس اليوم.. واقتنع النحاس بوجهة نظرهم.. خاصة عندما يقرر مجلس الأمن الاستماع إلي رئيس حكومة مصر لا لبعض أعضاء حزب ما!!! وتقرر عدم إرسال البرقية (الفضيحة) كما سميت أيامها.. وأرسلت برقيات أخري تؤيد النقراشي وقيل ان مصطفي موسي سافر إلي أمريكا علي نفقته ليقف خلف النقراشي وبارك النحاس وطنية الشاب الصغير مصطفي موسي الذي كان قد تخرج في كلية الهندسة جامعة فؤاد الأول منذ أسابيع فقط..

هكذا كانت ديمقراطية الوفد.. لا فصل ولا فضائح في الصحف ولا كلام لا لزوم له.. والسر في القيادة التي تفتح صدرها وقلبها وعقلها للجميع حتي لو كان مصطفي موسي مجرد زعيم طلبة الجامعة وليس عضوا مرموقا كبيراً!!!

<>

حكاية ثالثة.. أهم من هذا كله..

استفان باسيلي عضو الهيئة الوفدية وعضو مجلس النواب.. بصفته الأخيرة قدم للمجلس مشروع قانون بحظر نشر أخبار السراي أو أحد أفراد الأسرة الملكية إلا بعد (ختم) من الديوان الملكي!!! ثار عليه كل أعضاء الهيئة الوفدية بل بعض أعضاء مجلس النواب من غير الوفديين أيضا.. ودعا مصطفي النحاس لاجتماع فوري.. لم تقرر الهيئة الوفدية فصل استيفان باسيلي فورا.. ولم تقرر إحالته إلي لجنة تحقيق .. كل ما طلبوه في الاجتماع.. الرد علي سؤال:

- لماذا فعلت هذه الفعلة - هل تريد أن تنافق الملك؟؟

وقف الرجل بثبات وثقة في النفس وقال لأعضاء الهيئة:

- نعم أريد أن أنافق الملك .. نحن الآن نستعد لإلغاء معاهدة 1936 ولابد أن يوقع الملك علي القرار بعد موافقة مجلس النواب بل ومجلس الشيوخ أيضا.. واعتقد أن هذا القانون سيزيد من ثقته في الحكومة والوفد والنحاس.. ثم ممكن أن نلغي القانون بعد إلغاء المعاهدة ما رأيكم؟؟

وكان رأي الهيئة الوفدية.. إننا سنلغي المعاهدة بإذن الله وسيوافق عليها مجلس النواب والشيوخ بالإجماع.. ولا يهمنا حتي لو لم يوقع الملك.. نحن لا نلوث تاريخنا بمثل هذا القانون .. وسحب استيفان باسيلي مشروع القانون بمجرد انتهاء اجتماع الهيئة دون تشنج وشتائم وسب وقذف.. رجال كبار.. بل عدد كبير منهم في عز شبابهم الصغير وكان اسمهم (الطليعة الوفدية) برئاسة عزيز فهمي.. هؤلاء القدامي يشعرون بانهم (أسرة واحدة) لا أعضاء هيئة (أسرة واحدة لها أب واحد).. أب يقول رأيه آخر واحد في الجلسة!!! ولا يفرض رأيه علي أحد.. رحم الله أيام زمان.. تسألون: عن رأيي في الوفد زمان والوفد الآن.. أترك لكم أنتم الرأي بعد ما تقرأون تاريخكم المجيد..