رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

 

البعض منا يعتقد أن المهنة تقاس بمدى علوها أو دنوها! أى هناك منصب رفيع ومنصب آخر متدنٍ!، ولا يعلمون أن المهنة أولاً وأخيراً رسالة ومسئولية ملقاة على عاتق صاحبها وليست منصباً شرفياً شخصياً لصاحبه، فالله خلقنا لتعمير الأرض وخلقنا طبقات، وقال تعالى: «وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فى ما آتاكم»، «ولكل درجات مما عملوا»، فالعمل يقاس بمدى تأثيره الإيجابى على الناس قبل صاحبه، فلا يوجد منصب رفيع ومنصب متدنٍ كما يعتقد البعض بل على العكس قد يكون العمل الذى يصفه البعض بالمتدنى أعظم عند الله، وعلى البشرية من العمل الرفيع المستوى، فهناك حكمة تقول: «عندما يغيب المدير شهراً لا نشعر بغيابه لكن لو غاب عامل النظافة يومين افتقدناه»، فقيمة الناس بما يقدمونه من خير للبشرية ولا يقاس بالمنصب ودرجته! ولا نذهب بعيداً، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم راعى غنم وفى شبابه عمل بالتجارة وهو خير خلق الله، وعلم البشرية دروساً فى العلم والأخلاق، بل هو إنارة الله على الأرض، وكان نوح عليه السلام نجاراً وبنى سفينة نوح التى حملت البشرية، كما كان أبوبكر الصديق رضى الله عنه يعمل بالتجارة قبل توليه الخلافة، والزبير بن العوام كان خياطا، وسلمان الفارسى حلاقاً، كما ان الله سبحانه وتعالى له حكمة فى تقسيم البشرية لدرجات، فقال تعالى: «نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًا» أى ليختبر من يطيع الله ورسوله فى عمله، ومن يتقنه، ومن حمل الأمانة كما ينبغى أن تحمل، من استغل منصبه فى نصرة المستضعفين وجلب حقوق الضعفاء، ومن استغله فى نشر الفساد، فالكل سواء لا فرق بين شخص وآخر الا بالتقوى والعمل الصالح، فالله منح كلاً منا موهبة ليس لذاته بل لينفع بها البشر، فالله خلقنا طبقات، ومنح كلا منا موهبة لحكمة وليس عبثاً وان لم يستغلها صاحبها فى النفع العام نزعها الله منه، والمتمعن فى المجتمعات المتقدمة والنامية سيجد ان سبب تقدم المجتمعات هو وضع كل شخص فى المكان الذى يناسب قدراته، اى وضع قدراته فى المكان والعمل الصحيح، فإذا حاكمت سمكة على قدرتها على التسلق فستعيش طول عمرها تعتقد أنها غبية، واذا حكمت على قرد بقدرته على العوم فسيعتقد انه غبى! كما ان التكافؤ فى الفرص وتوظيف كل شخص حسب قدراته سوف يزيل الغل والحقد من النفوس؛ لأن التكافؤ سوف يبنى على العدل والمساواة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة الوداع: «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربى على أعْجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى»، فما يفرق عمل شخص عن آخر التقوى، أن يتقى الله فى عمله، ويراعى ضميره، وكما قال رسول الله: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، فالإسلام نادى بالمساواة بين الناس قبل أن تنص عليها مبادئ حقوق الإنسان، كما أن المساواة كانت أيضاً فى تطبيق الشرع والعقاب لا فرق بين حاكم ومحكوم.

فلا تستهن بعملك أياً كانت مكانتك ومنزلتك، فيقاس عملك بقدر تأثيره الإيجابى على الأمة، فلا تدرى لعل عملك الذى تراه صغيراً هو عند الله كبير، ولا تدرى لعل عملك الذى تراه متدنياً يرفع البشرية بأجمعها، فلا تستهن بعملك طالما يخفف العبء على إنسان آخر، ولا تقلل من قدرك حتى لو كان عملك إدخال السرور على قلب إنسان.

 

‏Email: [email protected]