رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من أهم سمات الشخصية العربية، ما يمكن تسميته (تناغم أو انسجام الهُوية) وشكلت ملامحها عوامل موضوعية منها الجغرافيا والتاريخ والموروث الاجتماعى والثقافى والصفات العِرقية والنَفسية، على الرغم من تمتع المجتمعات العربية بخصوصية تميز كل منها على حدة ويعتبر عامل اللغة أحد أهم عناصر مُكون الهُوية خاصة عندما تصبح اللغة ليست فقط مجرد وسيلة اتصال انما تعد أيضا أداة بناء للفكر والحضارة وعلى مر العصور على الأقل منذ أن أدرك العرب أهمية توحدهم فى مواجهة التحديات الخارجية مثل الاستعمار التقليدى واشكال الاستعمار الجديد (نيوكولونياليزم) كانت اللغة حافزا إيجابيا فى تشكيل الفكر الجمعى من خلال الثقافة والإعلام والفنون، واستخدمت القوى الناعمة ومنها الكلمة سلاحا فعالا فى مقاومة المحتل لا سيما عندما قررت الشعوب حصولها على الاستقلال.

كما يعتبر الدين إطارا جامعا لمحددات ماهية الهوية المشتركة، بين الناطقين باللغة العربية وقام بتكريس قيم اخلاقية ميزت الشخصية العربية عموما والاسلامية تحديدا عن غيرها، ولم يكن العالم العربى بما فيها شبه الجزيرة العربية ومصر والشام سوى مراكز تنوير لعبت دورا حضاريا، وكانت مهدا لتنزيل ديانات سماوية على انبياء ورسل من ابنائها يهدون البشرية إلى الحق والعدل والسلام.

واذا كان التاريخ يؤكد تقدم الثقافة العربية على الغرب الأوروبى فى فترة العصور الوسطى فإن هذا يجبرنا اليوم على إعادة قراءة التاريخ بشكل محايد، واجراء دراسات وبحوث مستفيضة ترصد عوامل التأخر بعد حالة الازدهار التنويرى والحضارى للعرب، ومن وجهة نظرى ترجع عوامل التأخر بالدرجة الاولى لعدم التمسك بوحدة الهوية، والانسياق وراء دعاوى التغريب التى لم يؤخذ منها، إلا ما هو ضار ما أدى إلى تفرنج ظاهرى لبعض أبناء لغة الضاد فى القرنين التاسع عشر والعشرين!

وفى الخمسين سنة الاخيرة تحول العالم إلى قرية اليكترونية صغيرة، وهو تطور إيجابى - فى حد ذاته - جعل الإعلام التقليدى والبديل او الجديد يتخطى الحدود، غير أنه وقع فى المحظور عندما غض الطرف عن دور المرشحات او الفلاتر الفكرية – اذا جاز التعبير – فى ظل نشوء عوالم افتراضية، تضع كل شيء إيجابيا او سلبيا عند اطراف أصابع المتلقى، بلا رقيب او حسيب داخلى أو خارجى!

وما يعنينا هنا، أنه نتيجة الثورة التى حدثت بشكل متلاحق فى وسائط الاتصال استبدلت الأجيال الجديدة فى وطننا العربى هويتها الذاتية بهوية أخرى اليكترونية افتراضية تحكمها قيم بعضها قد يكون بناءً، ولكن كثيرا منها هدام يتجاهل ثوابت الاعتقاد الجمعى الذى يسمى «سياسيا» القومى أو العروبى، ما أثر على ملامح الشخصية العربية وأضعف فكرة الانتماء للوطن!

وقد انعكس هذا التوجه، على كثير من وسائل الإعلام فى عالمنا العربى، لاسيما الإذاعى والمتلفز، فأصبح الإعلام فى أغلب الأحيان مستقبلا وليس مرسلا، وعندما يقرر أن يرسل يتحرك فى دائرة مغلقة، ولا يخاطب فيها إلا نفسه! فى الأسبوع القادم إن شاء الله نواصل الإبحار فى مزيد من التفاصيل بشأن مشكلات الهوية فى عالمنا العربى!